يُعدُّ الأمن الثقافي ثروة معرفية نظرية وعملية عقلية وروحية في مختلف جوانب الحياة البشرية ظاهرة وباطنة ملموسة ومحسوسة ويشكل الوعي سِلاحاً حقيقياً قادراً على توظيف المعرفة والجهد البشري توظيفاً حيوياً وعلى إعادة إنتاج المعرفة ويؤكد تاريخ الحضارة العربية الإسلامية على احترام ثقافات الأمم والشعوب الأخرى حيثُ أنَّ كل مجتمع يُزاول الحفاظ على عاداتهِ وتقاليدهِ وإرساء أسسه وتحصينها من المؤثرات الخارجية. ولا تعني عملية الحفاظ على الثقافة الانغلاق وعدم مواكبة عملية الحضارة إذْ لا بد من مواكبة التغيرات والتعايش معها بما يُغير الكثير من المفاهيم والسلوكيات القديمة لذا أُشير في مقالي إلى أهمية المؤسسات التربوية والثقافية بمختلف مراحلها وأشكالها حيثُ لم تعُد مؤسسات إستهلاكية كما كان ينظر إليها سابقاً بلْ تحولت إلى مؤسسات إنتاجية تُنتج عقل الإنسان وتفكيره وتُعينهُ وعلينا في مؤسساتنا أن نهتم من أجل تحقيق الأمن الثقافي بثقافة الإبداع والتي هي معنية بمدى قدرة الطالب على الاتيان بالجديد المميز كما تُشجع اختلاف الآراء وتنوعها ولا تحاول رفض الرأي الغريب ومما لاشك فيه أن الأمن الثقافي يعني للمجتمع وجود قيم وتصورات محدودة بضوابط سلوكية من شأنها أن تُشبع الأمن في النفوس ويهتم بالأمن الثقافي كل من التعليم والتربية والإعلام والثقافة والأسرة والمنزل وجميع مؤسسات المجتمع الأدبية والرياضية والتي تهدف إلى كبح جماح النفوس الميَّالة للعنف وترجيح كفة التسامح والوئام بين الناس والنقاش البناء بين أفراد المجتمع وللأمن الثقافي طرق عديدة منها العدل وبذل المعروف وإقامة العلاقات الطيبة مع المخالفين في الدين، ولثقافة تمثل أساساً هوية الشعوب، فالشعوب المثقفة ذات هوية معلومة فمن فقد ثقافته فقد هويته وعندما يفقد الإنسان هويته سيخسر كل شيء ويفقد بذلك نفسه وانتماءه وأخلاقه، بقي أن أقول إنه لابد من العمل سوياً أفراداً وجماعات لأجل البقاء والوجود من خلال نماذج وصور ثقافية إبداعية تساعد على الأمن الثقافي من الاندثار حيثُ تخلقُ وعياً وإدراكاً لدى الفرد والمجتمع.