ترعرع الفتى ويليام كامكوامبا المولود في العام 1987م بقرية كاسونجو في جمهورية مالاوي جنوب شرق قارة أفريقيا، ابناً لمزارع فقير كان بالكاد يقدر على إعالة أسرته، التي تتكون من زوجته وثلاثة أبناء. فمنذ نعومة أظافره والفتى وليام كامكوامبا مولع بالأجهزة الإلكترونية والميكانيكية، حتى أنه كان يقضي أغلب وقت فراغه في مكب التوالف (السكراب) يجمع ما يمكن جمعه مما تبقى من أجهزة تمكنه من إضافة ولو بعض من العمر لأجهزة أهل القرية، الذين ما إن تتعطل أجهزتهم الكهربائية إلا ويأتون إليه طلباً للمساعدة. بقدوم عام 2001 م شهدت مالاوي أسوأ مجاعة اضطرته لعدم الذهاب الى المدرسة لعجز أسرته عن تسديد النفقات. إلا أنه لم يستسلم، وفي أحد الأيام ذهب الفتى إلى إحدى مكتبات مدينته على بعد ساعات من قريته ليطلع على كتاب في علوم الفيزياء، وبدأ يقرأ في فصل توليد الطاقة وعندما شاهد صور طواحين الهواء التي تولد الكهرباء قرر بناء واحدة لإنارة بيته وهو في الرابعة عشرة من عمره. تحدث وليام عن قصته عندما كان يبني طاحونته حيث اتهمه كل من حوله بالجنون، لأنه لم يكن يملك الخبرة والمال والأدوات، وبعدما أضاءت طاحونته الأولى التي بناها جاء أهل القرية لتحيته ولشحن هواتفهم النقالة وطلبوا منه بناء طاحونة أخرى لتوليد الطاقة لتشغيل مضخات المياه وري الأرض في القرية. وقد عبر عن ذلك قائلاً: "ما بنيته في قريتي الفقيرة ليس مجرد طاحونة تحركها الرياح لتحرك تيار الكهرباء بل هي محرك للحرية لأننا بهذه الطاحونة نستطيع أن نخرج أنفسنا من عصور الظلام والجوع". أصبح "ويليام" قبل أن يتم عمره العشرين ملهماً لأقرانه، فقد كتب سيرته الذاتية في كتاب بعنوان (الفتى الذي حصد الرياح)، الذي يتحدث فيه بإسهاب عن قصته المعبرة كما تم تجسيدها فنياً في فيلم يحمل نفس العنوان. كانت إستراتيجيته المفضلة للابتكار هي (أن تربط المشكلة الحقيقية بشيء تحب أن تفعله)، ليصبح تجربة نجاح يتم روايتها لكل من لديه حلم وطموح بأنه حتماً سيصل يوماً ما لهدفه إذا تشبث بالأمل والعزيمة وأعطى كذلك الجميع درساً في الإصرار على إيجاد الحلول للمشاكل المستعصية. بلا شك في قصة بطلنا الكثير من العِبر؛ ولكن حتماً يبقى العلم أهمها وجوهرها؛ فالعلم أقوى سلاح لمحاربة مصاعب الحياة، وفي العلم توسيع للمدارك، فبه تسمو الهمم وتُذلل العراقيل. يقول الإمام الشافعي: تعلَّم فليسَ المرءُ يولدُ عالماً وَلَيْسَ أخو عِلْمٍ كَمَنْ هُوَ جَاهِلُ وإنَّ كَبِير الْقَوْمِ لاَ علْمَ عِنْدَهُ صَغيرٌ إذا الْتَفَّتْ عَلَيهِ الْجَحَافِلُ وإنَّ صَغيرَ القَومِ إنْ كانَ عَالِماً كَبيرٌ إذَا رُدَّتْ إليهِ المحَافِلُ.