حينما دعا مجلس الأمن الدولي جميع الأحزاب اللبنانية إلى احترام سياسة النأي بالنفس عن أي نزاعات خارجية، هل كان على علمٍ بمن يحكم لبنان من «الباطن»؟! وحتَّى حينما جدَّد الدعوة إلى تنفيذ قراراته التي تُطالب بنزع سلاح كافة الجماعات المسلحة في لبنان؛ حتى لا تكونَ هناك أسلحة أو سلطة في لبنان إلا بيد الدولة، هل كان غافلًا عن القوة الموجودة في يد حزب الله، والتي تفوق قدراتها قدرات الجيش اللبناني؟! نزع سلاح حزب الله أضحى مستحيلًا في هذا الوقت المتأخر، مع أن اتفاق الطائف حدَّد بأن الجيش يجب أن يكون القوة الوحيدة في لبنان، فأمين عام حزب الله تجاوز الحديث عن قوته في الداخل اللبناني، وأصبح يُهدِّد الولاياتالمتحدة نفسها، وأبرم اتفاقات، ومعاهدات سمَّاها «محور المقاومة» مع دول ك(إيرانوسوريا) دون علم الحكومة، وكأنه في دولة غير لبنان، في مملكة خاصة به، لقد قال في إحدى خطبه الحماسية: «إن محور المقاومة قد يرد في أي لحظة على غارات إسرائيل في سوريا بقصف تل أبيب»، وفي خطابه العاشورائي المركزي الأخير، قال نصر الله: «سنُقاتل حتى لو وقف بوش وترامب والذي خلف ترامب وإسرائيل وبعض العرب وكل العالم»، ومع ذلك لم يجد مَن يعترض على تهديداته في الداخل اللبناني؛ لأنه يسيطر بسلاحه على القوى اللبنانية كافة، لا بد أن تعي الأممالمتحدة بأن حزب الله هو المسيطر الوحيد والمؤثر في القرار اللبناني، هو الذي عطَّل مسألة الرئاسة في لبنان أشهرًا، ونجح في فوز مرشحه الرئيس الحالي (ميشال عون)، ومن ثم عطَّل تشكيل الحكومة اللبنانية حتى انصاع الجميع لشروطهِ وتشكَّلت الحكومة، وإن كان هناك عمل تقوم به الأممالمتحدة لمستقبل لبنان، فعليها أن تنقذ لبنان من هيمنة حزب الله عليه لتسترد الدولة اللبنانية عافيتها، وتتخذ قراراتها بعيدًا عن الضغوط، ولا أظن ذلك سيكون متاحًا في هذه الظروف، خاصةً بعد أن نما دور إيران في لبنان عن طريق حزب الله. ومن العجيب والغريب في آنٍ معًا، أنه تم طرح عرض حزب الله في البيان الوزاري الأخير المتضمن استعداد إيران لتزويد لبنان بالسلاح والصواريخ والمال والدواء، وإنشاء منظومة دفاع جوية إيرانية تُحوِّل جيش لبنان إلى أقوى جيش في المنطقة، إضافةً إلى تزويدهِ بالكهرباء بأسعار متدنية، ومع هذا لم يصدر أي تعليق على هذا العرض من قبل الحكومة، والذي سيعمل على تكبيل لبنان، ويجعله ولاية تابعة لإيران. السؤال هنا -بعد ذلك التحذير الذي صدر من مجلس الأمن- هو: «هل مجلس الأمن قادرٌ على نزع سلاح حزب الله، وكيف؟»، سطوة حزب الله على لبنان لا تحتاج إلى شواهدَ، واللبنانيون يُعلِّقون الكثير من الآمال على مجلس الأمن في نزع سلاحه بما فيهم القوى التي تُناصره؛ خوفًا من بطشه.