والدان أدركا المعنى المقصود من الحقوق والواجبات التي بينهما والمتعلقة بأبنائهما التي من خلالها تبنى الأسرة لتتصف التعاملات التي فيما بينهما بالمودة والرحمة وهو المقياس الحقيقي لمعنى المحبة لان منبعها الضمير الذي يحيا بقلب يعقل الحق لا يظلم فيشرقان بعطائهما كشمس الربيع فيعم ضياؤهما مسكن حياتهما بأجواء يتخللها دفء الطمأنينة والأمن والاستقرار. ولأن ادراكهما كان عاليًا هيآ هذا المناخ المتوازن لبناء نفسيهما ومن أجل أبنائهما وهذا ما أكدت عليه دراسة محمود عبدالقادر حيث وجدت علاقة ارتباطية دالة بين تقبُّل الاباء لأبنائهم والانسجام الأسري وأن الأبناء أكثر تقبلاً لذواتهم وأكثر تحررًا من عوامل القلق كما أنهم أكثر شعورًا بالرضا. إن إيمانهم بأن تربية الأبناء تتطلب إحسانًا وليست تسلطاً وقسوة والتي قد تضر بصحتهم النفسية والذي قد يدفعهم لاتخاذ أساليب غير سوية كالاستسلام والتمرد والانحراف أو تربية بنبذ وإهمال والذي قد يهدد مشاعر الأمن لديهم وتدني تقديرهم لذواتهم، ولم يتجهوا الى التدليل والحماية الزائدة الذي تنمي اللامبالاة والاتكالية، ولم يفرقوا ويفضلوا بين أبنائهم حتى لا تنبعث مشاعر القهر والظلم والغيرة والحسد التي تتسبب في خلق الصراعات فيما بينهم كما يؤدي ذلك الى شعور ذلك الابن الذي تم تفضيله بالتميز والاستحقاق الذي قد يدفعه بالأنانية المفرطة بتحقيق طموحاته على حساب الآخرين. إنما كان منهجهم في التربية المرونة والحزم بإعطاء مساحة من الحرية للأبناء وتوضيح مواطن الثواب والعقاب ليترسخ الانضباط الذاتي لديهم، مع تقبل واهتمام وتأكيد على استقلاليتهم بدعم اختياراتهم ليشعروا بالوجود الاجتماعي والتقدير الذاتي، والعدل بينهم ليتحقق الوئام والمحبة بين الأبناء.. وقد أكد على ذلك أستاذ الصحة النفسية محمد بيومي خليل وفق دراسة أجراها بمقياسه الاتجاهات الوالدية في التنشئة وكيف أن لها علاقة في البناء النفسي للأبناء والتي من خلالها تتبلور الشخصية الإنسانية.