تعيش كافة الإدارات العامة بوزارة الداخلية خطوات جادة في مسار التطوير وتقديم الخدمات السهلة المُيسَّرة للمواطنين، عدا الإدارة العامة المرور التي أراها مكانك سر، وهذا أمر يدعو للتساؤل، وخاصة أن هذه الإدارة تعد الأكثر قرباً من المواطن، كونها تتواجد معه بكل زمانٍ ومكان، وكونها أيضاً أكثر حرصاً على سلامته في حلِّه وترحاله. وبالتشخيص الشكلي لحالة المرور لدينا، نجد أن دوره يضمر ويتلاشى، مما دفع بالقيادة -رعاها الله- إلى أن تستقطع مباشرة الحوادث لشركة نجم بعد حالة الضمور اللافت لإدارة المرور في هذا الجانب، ثم استقطاع مباشرة المخالفات لساهر، بعد الإخفاق اللافت لهذا الدور من قِبَل إدارة المرور، وبعد هذا لم يتبقَّ للمرور إلا سَنّ الأنظمة، التي أراها لم تُسَن بعد، ولازالت متقادمة جداً، عدا ما أُسند إلى نجم وساهر، التي أرى أن نجم نجحت بدرجةٍ لافتة، وهي تشكر على ذلك، أما ساهر فقد بالغت كثيراً في وضع رسوم المخالفات، وكأنها بذلك تريد أن تُغطِّي الإخفاق الذي يعيشه تنظيم السير في الشوارع، حيث تحوَّلت عملية الضبط إلى سن الرسوم المرتفعة، وتناست دور رجال المرور التنظيمي، حيث أراهم لا يقومون بدورهم المناط بهم، حيث يتضح ذلك من خلال اتخاذ القرارات الخاطئة التي تُسبِّب تلبُّك عملية السير، أكثر من تسهيلها، وهناك من رجالات المرور من يتّخذ من مركبته ملاذاً بارداً برفقة هاتفه؛ الذي أدمن على استخدامه، والاكتفاء بإيقاف مركبته لتتولَّى غلق الطريق، لا تنظيم عملية السير. وبما أن دور المرور بكل سُبله وأدواته هام جداً، فإني أتمنى أن يُعاد صياغة أنظمته ولوائحه، وإعادة النظر في الدور المنوط برجال المرور الميداني، فهو قاصر بدرجة عالية، بالإضافة إلى تكثيف أعداد رجال المرور وتدريبهم تدريباً عالياً، مهارياً وثقافياً، والتنسيق مع أمانات المدن وبلدياتها عند تخطيط الشوارع، من حيث تنظيم المداخل والمخارج، والميادين والجسور، والأنفاق والتحويلات الطارئة، والتنسيق أيضاً مع جهاز ساهر، من حيث المخارج والمداخل، والمنعطفات والميادين، وإشارات المرور، ومناطق الازدحام، وأماكن التلبُّك المروري، وخاصة عند إشارات المرور من قِبَل بعض المتجاوزين من اليمين أو اليسار للظفر بالوصول إلى بداية التقاطعات على حساب الآخرين، وهو ما يستوجب وضع كاميرات لهذا الغرض تحديداً.. وبالنسبة لرسوم المخالفات المرورية، أتمنى أن يُعاد النظر فيها، فالمبالغة فيها فاقت كل دول العالم. أما الدور الذي أرى القصور يتلبَّس فيه جهاز مرورنا الموقر، فهو عملية التوعية المرورية؛ التي أرى أنها شبه مفقودة تماماً، بينما يفترض أن تكون مُكثَّفة بدرجةٍ عالية لتوعية المواطن بكل صغيرةٍ وكبيرة بأنظمة المرور وتوجيهاته، وكم هو جميل أن تقوم الإدارة العامة للمرور بوضع مقاطع مختصرة بين البرامج التلفزيونية اليومية لتوعية المواطن بأنظمة المرور، وإعلامه بالكثير من التوجيهات التي يستوجب أن يكون على دراية بها، وكم هو أجمل أن يتولى رجال المرور توزيع البروشورات التوعوية على المواطنين، مرفقة بوردةٍ جميلة. وكم أتمنى أن تستحدث إدارة المرور برامج تلفزيونية خاصة بها، يتم فيها طرح الكثير من القضايا المرورية، والاستماع إلى شكاوى وملاحظات المواطنين عن هذا الجهاز الهام بالنسبة له. والله من وراء القصد.