لا يمر يوم إلا ويفصح العلم عن سر جديد من أسرار النفس البشرية، التي تصنع داخل كل إنسان عالما خاصا له وحده، يرى به الدنيا وفق معطيات عقلية محددة، لا تتشابه مع غيره، وإن عاش في بيئته نفسها، وتأثر بما تحتويه من عناصر مادية ومعنية، بل إنه لا تشابه بين نفوس البشر، وإن كانوا توائم. وعلى مدار العقود الماضية، خاض الإنسان حربا شرسة، للسيطرة على الاعتلالات النفسية، التي تصيبه، وتكون أحيانا أشد وطأة وخطورة على حياته، من الأمراض العضوية. وخلال هذه المعركة الضروس، عاش الإنسان بحثا عن كل ما يمكن أن ينقذه من الأزمات النفسية الطاحنة، التي تلم به كلما زاد التقدم، وزادت العلاقات الإنسانية تشعبا وعمقا. ومنذ منتصف القرن المنصرم، بدأ الحديث، في بريطانيا، عن أسلوب متطور لعلاج الأمراض النفسية بالفن، وهي طريقة ابتكرها فنان إنجليزي يدعى «أدريان هيل»، في عام 1942، بعدما اكتشف فوائد علاجية كبيرة، للرسم والتلوين، خلال قضائه فترة نقاهة من مرض السل بإحدى المصحات! وتعتمد فكرة هذا الفن المعالج على إطلاق الطاقة الإبداعية للمريض، وتمكينه من بناء دفاع قوي ضد مصائبه، وهو ما بينه الفنان البريطاني «أدريان هيل»، في كتاب ألفه حول هذا الموضوع، خلال عام 1945 تحت عنوان: «الفن ضد المرض». وفي الوقت الذي كان فيه كتاب «هيل»، مجرد بداية، فإن العلاج بالرسم شهد تطورا كبيرا في السنوات التالية، حتى صار وسيلة تشخيصية وعلاجية، حديثة، انتشرت كبديل عن العلاج النفسي التقليدي. وتعتمد الفكرة الرئيسة للعلاج بالفن، على اتباع نمط الرسم والتلوين، لإخراج الطاقات السلبية الكامنة داخل المريض، وإعادة شحنه عقليا بطاقة إيجابية، ومن ثم تحسين حالته البدنية والعقلية والعاطفية، باعتبار أن ممارسة نشاط إبداعي، يشبع النفس، ويساعد المريض على التعافي تدريجيا. وسيلة ناجحة لإنقاذ البشر وتعرف نورس السبيعي الأخصائية في العلاج بالفن التشكيلي الإكلينيكي، بمركز «مودة ورحمة»، وخريجة جامعه «لونق ايلند سي دبليو بوست» بمدينة نيويوركالأمريكية، والحاصلة على درجة الماجستير في العلاج بالفن، هذا الأسلوب العلاجي قائلة: «يمثل الفن علاجا نفسيا سلوكيا لا دوائيا للإنسان، حيث يقرأ عبره المعالج الإسقاطات التعبيرية للرسومات ويحللها، باعتبارها أحد أشكال العلاج التعبيري، الذي تستخدم فيه العملية الإبداعية، لتحسين الصحة النفسية والعاطفية». وأوضحت أن العلاج بالفن، أثبت فعاليته مع عدة أمراض نفسية مثل: الاكتئاب، وإدارة الغضب، وفقدان الشهية، والزهايمر، وغيرها من الأمراض. موجود بالمملكة منذ عقدين وكشفت نورس السبيعي، عن أن العلاج بالفن أصبح متداولا في المملكة، منذ عشرين عاما، وتحديدا في سنة 1998م، عندما عاد الدكتور عوض اليامي، إلى المملكة حاملا شهادة الدكتوراة في العلاج بالفن، وعمل في هذا المجال لمدة سنتين في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأشارت إلى أن العديد من المؤسسات استفادت من هذا النوع من العلم الحديث، ومنها: مستشفيات الصحة النفسية والتأهيل والعيادات النفسية والسجون، موضحة أن قائمة الأمراض التي كان علاجها بالريشة والألوان شملت: الاضطرابات النفسية، والمشكلات السلوكية، والقلق، وقلة الثقة بالنفس. وأضافت: «أستطيع كمعالجة نفسية بالفن، أن أتواصل مع اللاوعي الإنساني، عن طريق رسومات للمريض تنبع من اللاشعور لديه لذالك لا أحتاج للحديث معه أثناء الجلسة العلاجية، لأنه قد يكون غير قادر على تحديد المشكلة لديه، أو لا يستطيع تفسير مشاعره لغويا، لذا فإن جوهر هذا العلاج هو القدرة على استنباط ومعرفة معاناة المريض عن طريق رسوماته. يقي الأطفال من الاضطرابات وتطرقت نورس السبيعي، إلى تأثير هذا العلاج على الأطفال، مؤكدة أنه يقيهم الاضطرابات النفسية والعقلية، ويقضي على صعوبات التعبير لديهم، الناجمة عن الخوف، أو عدم إدراك المشكلة، مضيفة: «عندما تشخص رسم الطفل، فأنت تكشف عن معاناته، أو عن أسباب سلوكه العدواني، فبعد التشخيص تبدأ مرحلة العلاج عن طريق جلسات لتعديل السلوك، وعلاج أسباب الاضطراب النفسي، أو الصدمات التي يمر بها الطفل». تجاوب وقبول عن مدى تجاوب وقبول المجتمع لهذا النوع من العلاج، أكدت نورس السبيعي، أن المريض عندما يتعرف على العلاج بالفن، فإنه يتجاوب بشكل كلي معه، لما يجده من راحة في تقبل فكرته، في ظل أن بعض المرضى في المجتمع غير متقبل، ومتخوف من فكرة الذهاب إلى الطبيب النفسي. لا آثار جانبية ونسبة النجاح 70 % واختتمت نورس السبيعي حديثها، بالتأكيد على أنه لم يتم تسجل أي آثار جانبية، لاستخدام هذا النوع من العلاج، كما أنه في المقابل هناك الكثير من الآثار الإيجابية، منها مساعدة المريض في حل مشكلته بنسبه نجاح تصل إلى 70% في كثير من الأحيان، بحسب تقبل الشخص للعلاج. العلاج بالفن وسيلة حديثة لصيانة النفس البشرية بدأت الفكرة على يد رسام بريطاني اسمه أدريان هيل عام 1942 كتاب «الفن ضد المرض» هو اللبنة الأولى لهذا الأسلوب العلاجي بدأ استخدام هذا العلاج في المملكة عام 1998 يعتمد على الاتصال باللاوعي الإنساني عن طريق الرسم يعالج الأمراض التالية: الاضطرابات النفسية المشكلات السلوكية القلق قلة الثقة بالنفس الاكتئاب إدارة الغضب فقدان الشهية الزهايمر الوسواس القهري الصدمات وصعوبة التعبير لدى الأطفال مراحل العلاج: تشخيص المريض وضع الخطة العلاجية بدأ الجلسات بمعدل ساعة مرتين أسبوعيا يستمر العلاج لنحو 9 أسابيع أو حتى يصل المريض للمستوى المطلوب من الرضا النفسي الجلسة تكون فردية أو جماعية بحسب رغبة المريض 70% نسبة نجاح العلاج في معظم الأحوال أبرز الأماكن القادرة على الاستفادة من هذا العلاج المستشفيات العامة العيادات والمصحات النفسية مراكز تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة مراكز إيواء المسنين المدارس