استهوت المزرعة التقليدية القديمة التي تشارك بها محافظة الأحساء ضمن «بيت الخير» زوار المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية 33» بمختلف مراحل أعمارهم وهم يشاهدون جداول مائية صغيرة تجري لتروي أحواض النخيل بعد استخراجها من البئر عن طريق الإبل لتنقل لهم صورة مبسطة تحكي واقعًا عن الماضي لما عاناه الأجداد لاستخراج الماء من البئر بعد حفرها وتكسيتها بالحجارة وصنع قِرب «الروى» التي تُربط على الماشية بواسطة دائرة خشبية تسمى «السواني» تنزل إلى البئر لترفع قليلًا من الماء لسقيا الحرث والزرع. وأفاد المشرف على المزرعة بالجنادرية، علي معتوق البراهيم، أن عملية استخراج المياه من الآبار العميقة بالطريقة التقليدية القديمة تبدأ من بعد صلاة الفجر حتى غروب الشمس ويقوم بامتهانها أشخاص معينون، وتستخدم لري الحيوانات والماشية، ونقل المياه إلى البيوت مقابل أجرة معينة، مبينًا أنه يستخدم في السواني حيوانات مدربة لهذا الغرض بحيث تمشي مسافة معنية داخل أرض محفورة تسمى المنحاة وتقف عندما يصل الروى إلى قاع البئر ليمتلئ مرة ثانية، وهكذا تصب المياه من الغروب في «اللزاء» مجمع المياه، وذلك لجمع الماء ومن ثم توزيعه، ومن الأدوات المستخدمة منها الرشا والسريح والمقاط والضمد وغيرها. وأشار البراهيم إلى أن أي مزرعة قديمة لا تخلو مما يسمى بالدّياسة وهي مرحلة هرس المحصول لفصل الحب عن السيقان والسنابل، حيث يحمل المحصول بعد حصاده إلى مكان بجانب المزرعة ويوضع بشكل دائري ويحاط برصيف دائري من الحجارة والجص، ثم يترك المحصول حتى يجف تحت أشعة الشمس وتتم عملية الدياسة بأن تحضر مجموعة من البقر أو الحمير وتنظم في حبل واحد بطريقة مخصوصة مصحوبة ببعض الأهازيج التي يطلقها المزارعون أثناء عملية هرس الحبوب كوسيلة لجذب الجيل الحالي لعبق الماضي بكل ما فيه من تفاصيل وذكريات، كم تضم المزرعة عددًا من الصناعات القديمة التي ترتبط بعمل الإنسان في الماضي ومنها صناعة الميظفات ومشراب الماء وصناعة الرحي وصناعة الرداحة.