لازالت ثقافة «إطلاق النار» في المناسبات السعيدة، وحفلات الزواج سائدة في ظل تجاهل بعض أفراد المجتمع لمخاطرها، وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة إلا أن الظاهرة لازالت متجذرة بدعوى أنها «عادة مجتمعية» ووسيلة للتفاخر في هذه المناسبات التي قد تتحول فيها الأفراح إلى عزاء بسبب إطلاق نار يخلف قتلى ودماء بالمجان. وفيما يطالب البعض بتشديد عقوبة السجن والغرامة على المخالفين لاستخدام السلاح في غير ما خصص له، ينادى البعض الآخر بإمكانية البحث عن بديل مناسب يحقق نفس الغرض، ويرون أن السلاح التراثي المشهور «المقمع» يمكن أن يكون بديلا مناسبا لاعتماد ذخيرته على البارود الأسود المسحوق لا الرصاص الحي. في البداية اقترح المواطن عبدالهادي محمد، ضرورة استخدام البديل الآمن للسلاح الناري والذي يحقق ذات الهدف بدون مخاطر أو وقوع ضحايا، مشيرا إلى أن هذا الموضوع تم إشباعه بالتناول والنقاش في المنابر الإعلامية، ووسائل التواصل الاجتماعي وتم نقد الظاهرة والتحذير منها والتعبير عن رفضها . ورأى أن المعالجة تكون باستخدام البديل الآمن، وهو السلاح التراثي المشهور «المقمّع»، والذي تعتمد ذخيرته على البارود الأسود المسحوق، لا الرصاص الحي «، وأشار إلى أن الفرق الشعبية لدى البعض منها تصاريح لاستخدامه، والبعض الآخر كان لديه تصريح ولم يتم الموافقة على تجديده، ورغم أن هذا السلاح الشعبي نراه حاضرا بقوة في الجنادرية إلا أنه لم يتم استثماره بالشكل الذي يسهم في حل المشكلة، لاسيما وأن عوامل الخطورة تقل فيه، وبنفس الوقت يؤدي نفس الدور، واقترح لمنح التراخيص أن تكون على فئتين «الفرق الشعبية» و «الأفراد»، لأن اقتصاره على الفرق قد لا يحل الإشكالية بالكامل. وأكد الناشط الاجتماعي بندر آل مفرح أن حمل السلاح في المناسبات والأفراح لم يعد في مربع الملاحظة، أو المشكلة، بل وصل لظاهرة، تهدد الأمن والنظام، وأرواح الناس، نتيجة حدوث إصابات، ووفيات، يعقبها أحكام شرعية بالسجن أو القصاص، أو دفع الديات بملايين الريالات، والمراقب للواقع يجد أن الظاهرة تحدث حتى في الأفراح التي تقام في قصور الأفراح داخل المدن الرئيسية، وتكمن الإشكالية في أن الأسلحة تكون بأيدي شباب صغار سن وأحداث، لافتا إلى آخر مقطع تم تداوله بتاريخ 23/ 3/ 1440، لشاب يطلق النار ولم يستطع التحكم في الرشاش الذي يحمله مما أدى إلى تصويب الرصاص لبعض الحضور بطريقة عشوائية كانت ستؤدي لمقتل العشرات. ولفت إلى أهمية دور مشايخ القبائل كمكمل لدور الجهات الأمنية، وإذا وصلت إليهم معلومة مؤكدة فإنهم يمررونها للجهات الرسمية بالسرعة المطلوبة وبكل شفافية، واقترح تجريم هذا الفعل وإنزال أشد العقوبة بمن يخترق الأمن، والتشهير بالفاعل وإيقاف خدماته، كما اقترح تضمين عقود استئجار القصور والفنادق والصالات والأفراح شرط عدم استخدام السلاح إطلاقا في أي مناسبة امتثالا للأوامر الصادرة بهذا الصدد، وطالب وزارة الداخلية والبلديات بغلق أي قاعة أو قصر أو صالة غير مرخصة، ومن هنا نبدأ في محاصرة الوضع وتطويقه تمهيدا لتلاشيه والقضاء عليه. النيابة : جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن قالت النيابة العامة إن استعمال السلاح أو إطلاق النار في الأفراح والمناسبات أو السماح للغير باستعمال السلاح المرخص له في ذلك أو استعمال غيره للسلاح نتيجة إهمالة يعد. جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن مدة تصل إلى سنة وغرامة تصل إلى خمسة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين وفق المادة 41 من نظام الأسلحة والذخائر. الداخلية تحدد مهلة لتصحيح أوضاع المخالفين حدّدت وزارة الداخلية 9 شروط للمتقدّمين للحصول على ترخيص اقتناء الأسلحة النارية وذخائرها.واشترطت الوزارة «خلوّ المتقدّم من الأمراض النفسية والعصبية وأية إصابة عضوية أو إعاقة بدنيّة، وتجاوز الفحص الطبي لاكتمال الحصول على رخصة السلاح. وجاء إعلان هذه الشروط والتعهدات تزامناً مع مهلة تصحيح لأوضاع من بحوزتهم أسلحة وذخائر نارية غير مرخّصة، وأمهلت الوزارة من يقتني سلاحاً أو ذخيرة غير مرخّصة عاماً كاملاً، يمتدّ إلى 20 يونيو 2019، مبيّنه أن الفرصة متاحة لعموم المواطنين بتصحيح أوضاع أسلحتهم. الجعيد : الاستعراض بالسلاح عصبية مرفوضة قال أستاذ القانون والمختص بالجرائم الدكتور أصيل الجعيد إن ما يفعله بعض الأشخاص في سبيل إظهار المنعة واستعراض القوة بالأسلحة مخالفة صريحة لقانون الأسلحة والذخائر، داعيا الجهات التشريعية لإعادة النظر في هذه العقوبات لتشديدها لتحقيق الردع العام. وأشار إلى أن القانون الجنائي يتواءم مع متطلبات المجتمع التنظيمية، وقد نصت المادة 41 من ذات القانون أن مطلق النار في المناسبات والأفراح يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تتجاوز 5 آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ثبت استعماله السلاح المرخص له بحمله واقتنائه في غير الغرض المرخص له. وأشار إلى أن استعراض القوة والمنعة بالأسلحة وخلافه كانت تقوم به القبائل قبل عصر الدولة المدنية السعودية الحديثة وهو من العصبية القبلية المنتنة، ولسنا بحاجة لذلك في ظل دولة حديثة بها مؤسسات أمنية تحمي الجميع وعيون ساهرة لمصلحة الوطن، وتساءل : ماذا يعني إطلاق بضعة أعيرة نارية في الهواء في فرح أحدهم؟ إن كانت هذه الظاهرة جزء من فلكلور وثقافة منطقة ما، فعلى الجهات المختصة في وزارتي الداخلية والثقافة دراسة الموضوع والترخيص له في إطار محدود بشروط تمنع وقوع الحوادث، متوخية المصلحة العامة لا الشخصية . ورأى إن قانون الأسلحة دقيق في شرح أنواع الأسلحة والتراخيص وحتى الأسلحة التي تحملها بعض الجهات الخاصة والحكومية نظرا لطبيعة عملها، بل أنه في المادة 56 أجاز للوزير إيقاف الإجراءات المتعلقة بمساءلة كل من يتطوع ويبادر بالإبلاغ عما لديه من أسلحة وذخائر غير مرخصة ويبدي رغبته واستعداده بتسليمها قبل ضبطها لديه. ظفران: السجن والغرامة لحمل سلاح بدون ترخيص وصف الأكاديمي بكلية القانون الدكتور محمد آل ظفران ظاهرة استخدام الأسلحة في المناسبات بشتى أنواعها وخاصة الأفراح بالسيئة والتي لا تتفق مع تقاليد المجتمع التي تنهي عن حمل الأسلحة إلا في إطار نصوص الشريعة ومقاصد خاصة وبما لايعود بالضرر على الآخرين . وأوضح أن حمل الأسلحة في مثل تلك المناسبات قد يعود بالضرر على مطلق النار نفسه، وهنا يصبح شأنه كالمنتحر كما في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه، «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا». مشيرا إلى أنه وفي إطار العمل بالنظام لا خلاف في أن سلطة ولي الأمر في تقييد المباح ثابتة بيقين، وقد أحسن ولاة الأمر صنعا في وضع نظام ينظم حمل الأسلحة، نصت المادة (40)منه على أنه يعاقب بالسجن مدة لاتتجاوز سنتين وبغرامة لاتتجاوز سبعة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ثبت حيازته لسلاح ناري فردي أو ذخيرة دون ترخيص « كما نصت المادة (44) على أنه :»يعاقب بغرامة مالية لاتتجاوز ألف ريال كل من حمل سلاحه المرخص في الأوقات والأماكن التي يحظر فيها حمل السلاح» . منبها إلى قوله تعالى :» وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ». ومن السنة النبوية أحاديث كثيرة منها قول النبي عليه الصلاة والسلام : «من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه، حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه» رواه مسلم في صحيحه وفيه تأكيد حرمة المسلم والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه وأهاب آل ظفران المواطنين بضرورة الالتزام بحدود القانون، وتجنيب الأفراح والمناسبات السعيدة حمل الأسلحة لدرء الخطر المترتب عليها،خاصة وأن شررها يتطاير ويصيب الأبرياء، والمارة، بل قد يصل إلى داخل المنازل المجاورة. أبرز شروط تراخيص السلاح * التعهّد بعدم إعارة السلاح أو التصرّف فيه إلا بعد ترخيصه. * الالتزام بعدد الذخيرة المسموح بها. * التعهّد بعدم حمل السلاح المرخّص داخل المساجد. * التعهّد بعدم حمله قرب المناطق العسكرية أو البترولية والدوائر الحكومية وغيرها. * إبلاغ الشرطة حال سرقة سلاحه أو فقدانه أو تلفه. * عدم السفر به خارج المملكة دون إذن. * عدم حمله والتنقّل به إلا بعد موافقة الجهة المختصّة. * اقتناء السلاح بالمحافظة عليه في مكان أمين. * تجديد الرخصة عند انتهائها. * السجن سنة وغرامة لمخالفة ضوابط استخدام السلاح.