النور المعنوي «نور البصيرة» للمؤمنين والضوء الحسي للكل والنور المعنوي يضيء البصيرة التي بها يشعر المؤمن بلذة الإيمان ويحس ضياء النور المعنوي بقلبه (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج: 46)، والله عز في علاه لو عدلت الدنيا عنده شيئاً لما أعطى الكافر ضوءاً يرى الأشياء المادية الحسية، فقد قال صلى الله عليه وسلم (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء) رواه الحاكم وغيره، وقال هذا حديث صحيح الإسناد. ومصادر الضوء معروفة وأما النور الذي عناه سيدنا أنس في حديث المدينة حين مقدم الحبيب صلى الله عليه وسلم إليها ورحيله فيها إلى الرفيق الأعلى فهو نور يوقر ويقع معناه وحسه في نفوس المؤمنين ورآه الصحابة رضي الله عنهم بعين البصيرة وأحسوه بقلوبهم وهو معنوي أدركوه بالإيمان وصدقته قلوبهم الطاهرة، (عن أنس قال، لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء من المدينة كل شيء فلما كان اليوم الذي مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلم من المدينة كل شيء وما فرغنا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا) رواه الترمذي. وهذا الخبر يبين من أين استمدت المدينة شرفها فقد أنارها الله به صلى الله عليه وسلم وشرفها بذات حبيبه صلى الله عليه وسلم حساً ومعنى بما فيها المسجد النبوي وبقي هذا التشريف للمدينة ككل بما فيها الحرم النبوي لأنه في قطعة من أرضها وذلك بأمر الله وإلى ما شاء الله، وشرفها الله أيضاً بدفنه صلى الله عليه وسلم فيها، وصدق كعب بن زهير رضي الله عنه حين قال: إن الرسول نور يستضاء به مُهنَّد من سيوف الله مسلول وكذا قال عنه صلى الله عليه وسلم عمه العباس رضي الله عنه حينما مدحه: وأنت لما ولدت أشرقت الأر ض وضاءت بنورك الأفق وما أجمل وما أزكى ما ورد في شمائله صلى الله عليه وسلم ومنها أن وجهه صلى الله عليه وسلم يتلألأ تلألؤ القمر ليلة البدر وبهذا وصفه هند بن أبي هاله رضي الله عنه لسبطه عليه الصلاة والسلام الحسن بن علي رضي الله عنه وقال أيضاً أن له صلى الله عليه وسلم نوراً يعلوه وروى هذا الترمذي. ويؤكد هذا جابر بن سمرة رضي الله عنه حيث قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان وعليه حلة حمراء فجعلت أنظر إليه وإلى القمر فهو عندي أحسن من القمر) الترمذي . وورد في البخاري عن أبي إسحاق قال سُئل البراء: (أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف قال. لا، بل مثل القمر). وخير شاهد عن النور وما له وما فيه وأن معنويته محسوسة لدى صادقي الإيمان، ما ورد في الكتاب الكريم قول الله تعالى . * ( أوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) (النور:40) فهل يدرك النور المعنوي ويحسه كل أحد أم هو نابع من قوة إيمان بالله العلي الكبير ومن شدة محبةٍ لرسوله رسول الهدى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب أجراً من أحد سواه.