تحدثت في المقالة السابقة عن بعض وجوه المعاناة التي يعيشها السكان الأصليون في كندا، الذين يعيش معظمهم في شمالها المتجمد، معزولاً عن بقية المدن الكندية، وذكرت في المقالة السابقة معلومات موثقة عن أوضاعهم الصحية المتردية، ومستوياتهم التعليمية المتدنية، وسكنهم غير الملائم وأوضاعهم المعيشية المكتظة، وأورد التقرير الذي استند إليه بعد ثالثاً: رابعاً: مستويات دخل متدنية: بلغ متوسط دخل السكان الأصليين عام 2010م حوالى 20.701 دولار، مقارنة بحوالى 30.195 دولار لغير الأصليين، وحسب دراسة عنوانها: «الفجوة في الدخل بين السكان الأصليين وغيرهم من الكنديين»، فإن استمرار تقلص الفجوة بالمعدل الحالي لن يردمها إلا بعد 63 عاماً. خامساً: معدلات البطالة الأعلى: يواجه السكان الأصليون معدلات بطالة أعلى من كل سكان كندا منذ تأسيسها، وتبلغ 15%، أي ضعف معدلاتها بين بقية السكان التي لا تزيد عن 7.5%، في بلد يشاع عنه أنه مهوى أفئدة المهاجرين الباحثين عن فرص عمل هائلة. سادساً: المعدلات الأعلى في دخول السجون: كانت أعداد البالغين المسجلين في الإصلاحيات المحلية والإقليمية كبيرة جداً في العام 2015/ 2016م، إذ وصلت إلى 26%، وبلغت نسبة البالغين من السكان الأصليين المسجلين في الإصلاحيات 28% من إجمالي المحكوم عليهم بالحبس و26% من الخاضعين لبرامج الرقابة المجتمعية في العام 2015/ 2016، وشكلت النساء المنتميات للسكان الأصليين النسبة الأكبر من أعداد المحكوم عليهم مقارنة بالرجال، إذ بلغت نسبتهن 38% مقارنة ب26% من الرجال، وفي الإصلاحيات الفيدرالية شكلت النساء ما نسبته 31% مقارنة ب 23% من الرجال. سابعاً: معدلات الوفاة الأعلى بين الأطفال والشبان: وذلك بسبب الكثير من الحوادث التي يتعرضون لها مثل الغرق وسواه، وحسب إحصائيات توصلت إليها «هيلث كندا» فإن أطفال السكان الأصليين أكثر عُرضة للموت، نتيجة الحوادث بما يبلغ ثلاثة إلى أربعة أضعاف مقارنة بأطفال السكان الآخرين من الفئة العمرية ذاتها، وهو دليل قاطع على عدم اتخاذ السبل الوقائية اللازمة لحماية هذه الفئة من السكان الأصليين مقارنة بغيرهم. ثامناً: معدلات انتحار عالية للغاية: تعتبر معدلات الانتحار الخيالية أكثر الوقائع المأساوية حِدّة في أوساط السكان الأصليين في كندا، إذ ينتشر الانتحار انتشار النار في الهشيم في أوساط شباب مجتمعات ما يسمى «الأمة الأولى» و»الميتيس»، و»الإنويت»، ولعلها «مجتمعات» أو «مجمّعات» معروفة للسكان الأصليين في كندا، وبيّن تقرير أصدرته «ستاتيستيكس كندا» عام 2016م أن ما يزيد عن واحد لكل خمسة من السكان الأصليين الكنديين في المجمّعات المذكورة أقدموا على الانتحار في مرحلة من مراحل حياتهم، كما ذكر التقرير أن معدلات الانتحار أعلى بخمس إلى سبع مرات بين الشباب المنتمين للأمة الأولى كما تسمى مقارنة بغيرهم من شباب السكان غير الأصليين، وتعتبر معدلات الانتحار في أوساط بالغي «الإنويت» من المعدلات الأعلى في العالم كله، وأعلى بإحدى عشرة مرة من المتوسط المحلي، وذلك بحسب الملف الإحصائي الخاص بصحة الأمة الأولى في كندا. وسوى هذا التقرير الموثق الذي يعرض بالمعلومة الموثقة والأرقام الدقيقة أوجه المعاناة والاضطهاد والتفرقة التي يتعرض لها سكان كندا الأصليون التي تنافي جميعاً أقل وأبسط حقوق الإنسان، فهناك آلاف التقارير الأخرى التي تبيّن بالكلمة والصورة والفيديو ما لا يمكن تصوره من انتهاك حقوق شعب بأكمله يسميه الكنديون (Aboriginal)، ولا يقتصر على عدة أفراد، وهذا الشعب هو الأمة الأولى: أصحاب الأرض الأصليون. وقد قيل قديماً في الأمثال العربية: (رمتني بدائها وانسلَّت)!.