حركة دؤوبة شهدتها المدينة المنوّرة خلال الأيام الثلاثة الماضية، وهي تستقبل أفواج الحجاج، بعد أن أدوا مناسك الحج؛ حيث ظل الحافلات تتوافد على مدار اليوم دون توقف، في انسيابية، أسهمت فيها منظومة الخدمات التي وفرتها الجهات المسؤولة منذ وقت مبكر؛ حيث وضعت وزارة الحج والعمرة بالمدينةالمنورة بالتعاون مع المؤسسة الأهلية للأدلاء، وبالتنسيق مع مرور منطقة المدينة خطة لموسم الحج الثاني تتضمن وضع نقاط فرز للمركبات القادمة للمدينة المنورة بأول نقطة فرز، بحيث تستقبل المركبات، ويتم توجيهها من ثم إلى محطة حجاج البر بطريق الجامعات، وهناك تعمل نقاط الفرز على مدى 24 ساعة، ويتم خلالها فرز جوازات الحجاج القادمين، والتأكد من عقود تسكينهم في الفنادق بالمنطقة المركزية بناء على عقود الإسكان التي أبرمتها بعثات الحج مسبقًا؛ لتنساب الحركة بكل يسر واطمئنان إلى مقاصدها؛ حتى يكتمل وصول الحجاج كافة إلى المدينة. خطة محكمة ووفق هذه الآلية المنضبطة، سارت حركة الحجيج إلى المدينةالمنورة، حسب ما أوضح ذلك وكيل وزارة الحج والعمرة للزيارة بالمدينةالمنورة، محمد بن عبدالرحمن البيجاوي، مبينًا أن جميع الجهات المعنية بالحج استعدت منذ وقت مبكر لاستقبال أكثر من نصف مليون حاج في الموسم الثاني، مشيرًا إلى أن محطة الهجرة بدأت في استقبال الحجاج المتعجلين والفرادى منذ يوم 13 ذو الحجة 1439ه، أما حجاج مؤسسات الطوافة والمؤسسة الأهلية الأدلاء فمن صباح أمس الأول السبت 14 ذو الحجة توافد حافلات نقل الحجاج للمدينة المنورة، وبلغت ذروة القدوم ما بين صلاة الظهر إلى قبل الساعة 11 ليلًا؛ حيث يتوقف التفويج من مكةالمكرمة إلى المدينةالمنورة بعد الساعة 11 ليلًا، بناء على توجيهات وزارة الحج لسلامة الحجاج. وأبان البيجاوي أن معدل وصول الحافلات إلى المدينة يبلغ 100 حافلة يوميًّا، ومن المتوقع أن يكون عدد القادمين قد قارب الربع مليون حاج حتى أمس، فيما ينتظر أن يتجاوز العدد نصف مليون حاج بعد اكتمال وصول البقية، منوّهًا إلى أن الخطة التشغيلية للحج في الموسم الثاني تمضي كما خطط لها، بتكثيف درجة المراقبة على والمنشآت الخدمية والسكنية. هدية المدينة وعلى نحو ما عهد عن المدينةالمنورة من حفاوة بزائريها منذ القدم، فإن أهالي طيبة حافظوا على هذا الموروث الأخلاقي الرفيع من الكرم، وحسن الوفادة، ويتولى ذلك مشروع «هدية المدينة». وأوضح الأمين العام لهذا المشروع فائز الأحمدي أن أول خدمة تقدم للحجاج بعد عودتهم من مكةالمكرمة، عند تتوقف حافلاتهم لدى مدخل المستودع الخيري في كيلو 9؛ حيث يصعد إلى داخل الحافلة مجموعة من شباب طيبة ممن يعملون في المستودع الخيري، ويقدمون للحجاج هدية المدينة للحاج والمعتمر والزائر عبارة عن وجبات خفيفة قبل دخولهم لمحطة الهجرة، مبينًا أنه في الموسم الأول تم توزيع أكثر من 700 ألف وجبة، وفي الموسم الثاني أكثر من 600 ألف وجبة من بداية قدوم الحجاج. شكر وثناء جودة الخدمات، وحسن تقديمها، وجدت التقدير والثناء والإشادة من الحجاج؛ حيث عبر عدد منهم ل»المدينة» عن سعادتهم بما شاهدوه في المشاعر المقدسة من الخدمات، وحسن التنظيم، مجمعين على أن المملكة العربية السعودية لم تقصر في تقديم كل سبل الراحة لضيوف الرحمن، مؤكدين أن موسم الحج تم بكل نجاح واقتدار، ولا يحدث ما يعكر صفوهم، بما يعضد قدرة المملكة العربية السعودية على تنظيم مثل هذه الحشود من البشر، في وقت محدد، وفي مكان محدد، وزمن محدد. وأضافوا بقولهم: شاهدنا في هذا العام تنظيمًا ناجحًا في المجالات الأمنية كافة والنقل والصحة والإعاشة، إضافةً إلى ما قدم لنا من خدمات تطوعية من شباب هذا البلد، وندعو الله أن يجعل هذه في ميزان حسناتهم، ولا نرضى أن يكون الحج مسيسًا أبدًا، لا في هذا العام ولا في أي عام، فالمملكة العربية السعودية قادرة على حماية الحج، وأن لا سياسة مع الحج. وختموا حديثهم بتهنئة القيادة السعودية على هذا التنظيم الرائع، مؤكدين أنه لا تستطيع أي دولة في العالم أن تفعل ما فعلته السعودية خلال أيام معدودة وفي بقعة محدودة، وما شاهدناه من حشود بشرية من رجال الأمن والعاملين لخدمة الحجاج لهو خير دليل على المشككين على قدرة المملكة في نجاح الحج.