يقولون في تراثنا من تدخل في ما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه، ولكن التطفل والملاحقة تارة والحقد والحسد تارة أخرى والفراغ وسوء الفهم أحيانًا يجعل الناس تتدخل في شؤون الآخرين، ليس تدخلا فقط بل يصل الأمر إلى فرض الرأي! وأحيانًا يصر بعض الأهل على أن يصبح الأولاد نسخة من أفكارهم وعاداتهم وقناعاتهم، متناسين فوارق السن ومتغيرات العصر وتباين بيئة المعيشة، وتنوع ثقافة الابناء، وأموراً شتى لا يدركها المتطفلون، ولكن لن يكون الابن كأبيه، ولا البنت كأمها، وان تشابهوا في بعض الأمور بحكم جينات الوراثة، انما الغريب أن يستبيح الأهل خصوصية حياة الأبناء، وأن يصروا على تحقيق ما لم يفعلوه هم من خلال التدخل في حياة الأبناء، فترى من يريد أن يصبح ابنه في تخصص أو عمل عجز عنه الأهل، أو أن يتزوج بطريقة تمناها الأهل دون غيرهم أو أن تنجب بنتهم بشكل ما وكأنهم قاصرو الرؤية والفكر، بل وترى تدخلاً يصل إلى حد اين تسكن وكيف تنسق بيتك ومتى تخرج ومع من وماذا تفعل لو خرجت!. وهناك من الأسرة من يتدخل في كل أمورك، تخصصك وزواجك وبيتك وإنجاب الأطفال وكل شؤونك وحتى تصل في بعض الأحيان انهم يتدخلون في زواج ابنتك او ابنك بداعي النصح، بينما الحقيقة بداعي الحسد والغيرة.. هذه قمة التطفل والتدخل وإفساد حياة الآخرين. وأصبحت تجمعات بعض الأسر في المناسبات والاعياد والعطلات وبالاً على رأس الابناء، فهذا يريد من ابنه أن يفعل كذا في زوجته! وتلك تريد من ابنتها أن تعامل زوجها بشكل ما! وهؤلاء يريدون من أبنائهم أن ينجبوا أو يسافروا، إنها مقبرة الخصوصية، ونهاية الحرية الفردية، ونيران الخلافات والتفكك، فهل يترك الاهل أبناءهم يعيشون كما يريدون؟ وهل يكف الأهل عن التلصص على حياة ذويهم؟ وهل ينعم أبناؤنا بحياتهم كما تمنوها،؟ دعوهم يكملوا حياتهم كما تمنوا، سكنًا وزواجًا وإنجابًا ومعيشة، فهم جيل آخر وثقافة أخرى، واعلموا أن استنساخ الاب والأم من الابن والابنة صعب المراد، فكثير من أبنائنا لا يرضون عن أفكارنا ولا عن قناعاتنا، ولكنهم يظهرون ذلك احتراماً لنا، فلا تحسبوا حياءهم منا تصديقاً ولا إيماناً بنا.