لا شك في أن الشتاء له علاقة حميمة مع الرعب، وفي ظني أن تلك الأجواء الديسمبرية لها إيقاع فريد يبدأ برعدة التوجس ثم خفقات الهزيع التي يخالطها عواء المذؤوب أو صرير الأبواب المتهالكة في قلعة مهجورة. هذه التوليفة الظلامية كانت بداية قصتي وقصص كثير من الشباب العربي مع الكاتب الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق في خريف عام 1993م، في ذلك الوقت كان من الطبيعي أن ترى قصصا وروايات مترجمة من عالم الرعب وما وراء الطبيعة لكن لم يكن مألوفاً ان يكون الكاتب عربياً وكان شراء الكتاب مغامرة في حد ذاتها.. وغامرت وكم يسعدني أنني فعلت. قدم أحمد خالد توفيق الرعب بصيغة مصرية عربية تتجسد في شخصية ليس فيها مبالغة بقدر ما فيها من البساطة وهي شخصية طبيب أمراض الدكتور رفعت إسماعيل في سلسلة ما وراء الطبيعة، وهنا كان للرعب أجواء أخرى بأحداث مشوقة بطلها رجل طبيعي وليس «سوبرمان» خرافياً كما هو حال كثير من الشخصيات وقتها وعلى رأسها أدهم صبري شخصية نبيل فاروق في سلسلة رجل المستحيل. دون شك أحمد خالد توفيق هو عراب الرعب وما وراء الطبيعة في الأدب العربي ولن أبالغ لو قلت بأن له الفضل الأول بعد الله تعالى في أن أخوض غمار التأليف وخاصة في مجال المغامرات والفانتازيا.. ستبقى أجيال تحفظ لذلك المبدع بصمته في شبابها. إن الكونت دراكولا ومعه ليوسيفر والمونيتور وكل شخصيات عالم الظلام كلها اليوم تمشي في جنازة ذلك الراحل الكبير لتشيعه إلى حيث يرقد في مثواه على هذه الأرض التي كانت أيامه عليها قليلة.. لكن إرثه سيبقى حتى يرث الله الأرض ومن عليها. مشهد عجيب حين نستخرج من كتابات الراحل فقرة قال فيها على لسان أحد شخصياته عام 2011: «موعد دفني سيكون 3 أبريل».. سبحان الله.. كيف توافقت الرواية مع النهاية ليرحل عن عالمنا في الثاني من إبريل ويكون دفنه في ذات التوقيت.. ولن أودعه إلا بكلمات قالها هو في إحدى رواياته «وداعا أيها الغريب». رحم الله أحمد خالد توفيق وجمعنا به في مستقر رحمته. عبيد خلف العنزي كاتب وروائي سعودي