كشفت السجلات البريطانية، التي رفعت عنها السرية هذا الأسبوع، من قبل جهاز الاستخبارات الداخلية السري، (MI 5) عن جماعة إرهابية كانت تهدد الأمن البريطاني في فترة ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حسب صحيفة «هآرتس» العبرية التي نشرت تقرير مطول عنها يوم أمس، وذكر التقرير أن مصدر ذلك التهديد الإرهابي، لم يكن الجيش الجمهوري الإيرلندي، ولا الجماعات الإسلامية المتطرفة، وإنما الجماعات الصهيونية المتطرفة، التي كانت تقتل الجنود البريطانيين بعد الحرب العالمية الثانية حتى ترغم بريطانيا على الانسحاب من فلسطين بما يساعدهم على أقامة دولتهم. وأضافت الصحيفة في تقريرها المطول والموثق بالمستندات والصور، إن إحدى تلك الجماعات- وهي عصابة الأرغون- والتي كان يترأسها رئيس الوزراء فيما بعد والحاصل على جائزة نوبل للسلام (مناحيم بيجن)- هي المسؤولة عن تفجير فندق الملك داود في القدس الذي كان مقرا للإدارة البريطانية في فلسطين، في يوليو 1946، بما أودى بحياة الكثيرين من الضباط والموظفين البريطانيين. واستطرد التقرير أن العصابات الصهيونية الإرهابية لم تستهدف البريطانيين داخل فلسطين – كما كان معروفًا من قبل-، وإنما خارج فلسطين أيضًا. ففي أبريل 1947، حاول إرهابيان رجل وامرأة، من عصابة شتيرن، تفجير المكتب الاستعماري في وسط لندن عندما زرعوا قنبلة تحتوي على كمية كبيرة من المتفجرات في «دوفر هاوس»، مقر المكتب الاستعماري، لكن التفجير فشل. وفي يونيه، من نفس العام، أرسلت عصابة شتيرن العاملة في إيطاليا 21 رسالة تحتوي على مواد متفجرة إلى كبار السياسيين وأعضاء الحكومة البريطانية بما في ذلك رئيس الوزراء كليمنت أتلي، ووزير الخارجية إرنست بيفين، وونستون تشرشل، وأنتوني إيدن، لكن تم اعتراض معظم تلك الرسائل المفخخة، فيما فشل البعض الآخر في الانفجار بعد الوصول إلى مستلميها. ويذكر أن الأسلوب نفسه استخدمته العصابات الإرهابية الصهيونية في مصر في استهدافها للعلماء الألمان أواسط الخمسينيات. ( كما استخدمت ضد الضابط المصري الشهيد مصطفى حافظ في غزة عام 1956). واستطرد التقرير، أنه في أعقاب ذلك وضعت الحدود والموانئ البريطانية في حالة تأهب قصوى. ونتيجة لحملة التفتيش والتدقيق، التي شملت أيضًا دولا أوروبية أخرى، أوقفت السلطات البلجيكية في يونيو 1947، رجلا وفتاة صغيرة عند المعبر الحدودي مع فرنسا، حيث عثر في قاع سري لحقيبة الفتاة على رسائل مفخخة موجهة إلى مسؤولين بريطانيين، إلى جانب أدوات ومعدات تفجيرية أخرى. وقد تم القبض على الرجل والفتاة من قبل البوليس البلجيكي، وسرعان ما اكتشفت الاستخبارات البريطانية أنهما كانا يخططان لتنفيذ هجمات إرهابية في بريطانيا. وكانت إحدى الرسائل المفخخة موجهة إلى السير جون شو وزير إدارة فلسطين. وتلقت الفتاة الفرنسية (22 عامًا) التي كانت تدعى بيتي نوث- لكنها كانت تحمل جواز سفر باسم جلبرت إليزابيث لازاروس- حكمًا بالسجن عامًا واحدًا بتهمة حمل متفجرات. وعند تحري الاستخبارات البريطانية عن هذه الفتاة اتضح أنها كانت متواجدة في المكتب الاستعماري في لندن وقت اكتشاف القنبلة المفخخة. كما اتضح أن رفيقها جاكوب إلياس -بعد كشف البصمات- ليس إلا ياعكوف لفنشتاين الذي يحمل سجلا حافلا بالإرهاب، فقد كان عضوا في عصابة «شتيرن» وسبق أن أدين بقتل العديد من الضباط والجنود البريطانيين في فلسطين، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، لكنه تمكن من الفرار والتوجه إلى أوروبا.