«ليلة الأحد».. وما أدراك ما ليلة الأحد هكذا أطلق عليها الشعب عقب الأوامر الملكية التي صدرت السبت الماضي ، وتضمَّنت تشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد؛ لحصر جرائم الفساد العام والتحقيق فيها. هذا البيان الذي وصف ب»التاريخي» يعيدنا إلى مطلع مايو الماضي وخلال لقاء مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد حينما قال حرفًا: «لن ينجو أي شخص تورط في قضية فساد مهما كان منصبه»، وكررها في نفس اللقاء: «لن ينجو متورط وزيرًا كان أو أميرًا». «ليلة الأحد لم ينجُ منها أحد» سواء كان وزيرًا أو أميرًا، فالكل أمام القانون والنظام سواء، وفيها تم إيقاف عدد من الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال بتهم صفقات واختلاسات وغسيل أموال، وهو ما أسماهم البيان الملكي بضعاف النفوس الذين غلَّبوا مصالحهم الخاصة على العامة، واعتدوا على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أو وطنية، وساعدهم في ذلك تقصير البعض ممن عملوا في الأجهزة المعنية. الكبير والصغير ولأنه لا أحد فوق النظام في وطن يسعى بكل عزم وحزم إلى وضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار، أكد الملك سلمان أن النظام سيطبق على الصغير والكبير، ولا نخشى في الله لومة لائم، بحزم وعزيمة لا تلين، بما يبرئ ذمتنا أمام الله سبحانه وتعالى، ثم أمام مواطنينا، مهتدين بقوله تعالى: «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل». حالة فرح حالة من الفرح والبهجة غمرت الشعب السعودي في كل الأرجاء عند سماع الأوامر الملكية التي لم تستثن الأمير أو الوزير؛ لتؤكد أنه لا أحد فوق المساءلة والمحاسبة، وأن أموال الشعب لابد من استرجاعها وصونها، وهو ما حرصت عليها كل البرامج الإصلاحية التي بدأها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، منذ توليه الحكم. وتؤكد هذه الأوامر الملكية التي جاءت في مرحلة دقيقة، إصرار خادم الحرمين وولي عهده على اجتثاث الفساد، وتعقب ومحاسبة الفاسدين وكل من أضر بالوطن. إنها مرحلة مهمة في مكافحة الفساد في «مملكة الرؤية» التي جعلت الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد من مرتكزاتها الرئيسة، ومتخذة في ذلك نهجًا دستوريًّا راسخًا. وما أسعد المواطن أمس الأول هو قوة البيان وصرامة الأوامر التي تضمَّنت تشكيل لجنة عليا للتحقيق في مخالفات الفساد وحصرها، وإصدار أوامر القبض والمنع من السفر وكشف الحسابات وتجميدها وتتبع الأموال وأصولها ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أيًا كانت صفتها. ولضمان الشفافية والعدالة، فقد تضمَّنت الأوامر اتخاذ اللجنة ما يلزم مع المتورطين في قضايا الفساد العام، ولها الاستعانة بمن تراه، ولها تشكيل فريق للتحري والتحقيق، ولها تفويض بعض أو كامل صلاحياتها لهذه الفرق. أداء الأمانة كلمة قوية أثلجت صدور المواطنين قالها خادم الحرمين الشريفين، تشير دومًا إلى أن المواطن هو هدفه الأسمى، ورفاهيته هي ما يسهر عليها، يقول الملك سلمان إنه حرص منذ توليه المسؤولية على تتبع الفساد انطلاقًا من مسؤولياته بخدمة هذه البلاد ورعاية مصالح المواطنين واستشعارًا منه لخطورة الفساد وإثارة السلبية على الدولة سياسيًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا. مرحلة هامة ويستمر الملك في كلماته التي أبرزتها وسائل الإعلام العالمية، ويقول إن الأنظمة ستطبق بحزم على كل من تطاول على المال العام، ولم يحافظ عليه أو اختلسه أو أساء استعمال السلطة والنفوذ، فيما أوكل إليه من مهام.