وضعت الأزمة الحادة حول استفتاء استقلال كتالونيا، نادي برشلونة - الممثل الرياضي الأبرز للإقليم - بين سندان المشجعين المؤيدين للاستقلال، ومطرقة الذين يريدونه أن يبقى جزءًا لا يتجزأ من الدوري الإسباني لكرة القدم. ومنذ إجراء الاستفتاء في الأول من أكتوبر، وسط معارضة صارمة من الحكومة المركزية التي حاولت منعه بالقوة واصطدمت قواتها الأمنية مع الكتالونيين، يجد النادي نفسه في موقع الباحث عن توازن بين الرياضة والتطلعات السياسية. وأمام الجمعية العمومية أمس السبت، شدد رئيس برشلونة جوسيب ماريا بارتوميو على أن النادي «ليس أداة يتم التلاعب بها لمصالح سياسية، مضيفًا بحزم «لا يمكن لأحد أن يستولي على شعارنا أو رايتنا». ومن اليوم الأول، وجد برشلونة نفسه في عين عاصفة الاستفتاء حول استقلال الإقليم الواقع بشمال شرق البلاد. يوم التصويت، كان من المقرر أن يستضيف على ملعبه كامب نو، لاس بالماس، ضمن بطولة إسبانيا. لم يخف النادي الزائر رغبته في رفع علم المملكة، في مواجهة ناد يؤيد لاعبون منه، لا سيما المدافع جيرار بيكيه، حق الإقليم في تقرير المصير على الأقل. وبعد رفض رابطة الدوري إرجاء المباراة، على رغم جرح المئات في الصدامات مع الشرطة، قرر برشلونة إقامة اللقاء خلف أبواب موصدة، في خطوة احتجاجية. وعلى رغم ذلك، استقال عضوان من مجلس إدارة برشلونة احتجاجًا على قرار خوض المباراة. وقال بارتوميو أمس: إن هذا القرار كان «من الأصعب» خلال رئاسته للنادي، نافيًا ابتعاد برشلونة عن قاعدة مشجعيه الكتالونية. وقال: «لا يمكن لأحد أن يشكك في التزام برشلونة حيال المجتمع الكتالوني. ندافع عن مبادئ الديمقراطية، الحق بالتقرير والرأي». وعلى هامش مباراة في دوري أبطال أوروبا أمام ضيفه أولمبياكوس اليوناني الأربعاء الماضي، رفع النادي لافتة عملاقة قاربت مساحتها 2,500 متر مربع، كتب فيها «حوار، احترام، رياضة». إلا أن هذا الموقف الرمادي بدأ يلاقي اعتراضات من مسؤولين كتالونيين، والذين رفض عدد منهم دعوة رسمية من النادي للحضور إلى المنصة الرسمية خلال المباراة الأوروبية. وجاء في بيان لبرلمان الإقليم: «نعتقد أن رسالة نادي برشلونة لكرة القدم لا تمثل شعور غالبية قاعدة المشجعين المؤيدة له». واعتبر البرلمان أن رسالة الملعب لا تكفي، لا سيما وأن المباراة أقيمت غداة توقيف الشرطة رئيسي المنظمتين الانفصاليتين الأساسيتين، جوردي سانشيز وجوردي كوشارت، على خلفية اتهامات بالعصيان والتحريض. ورفع مشجعون في الملعب لافتة تطالب بالإفراج عن سانشيز وكوشارت، علمًا أن قوانين الاتحاد القاري للعبة (ويفا) تمنع رفع أي شعارات ذات طبيعة سياسية خلال المباراة. وأشارت تقارير إلى أن إدارة برشلونة منعت إدخال لافتات أخرى. «لا يرضي أحدًا» ويسود الانقسام أيضًا في أوساط أعضاء النادي، والبالغ عددهم 150 ألفًا. كما يحظى النادي بأكثر من 100 مليون «معجب» بصفحته على موقع «فيسبوك» للتواصل. وبدأت بعض رابطات المشجعين بدعوة النادي للتركيز على الأداء في أرض الملعب، بدلًا من التلهي بالأزمة السياسية. أما الصحافة، فرأت أن بارتوميو في موقف لا يحسد عليه. ويشكل سكان كاتالونيا 92 % من أعضاء برشلونة، ولن يكون التباين معهم سهلًا على بارتوميو، رجل الأعمال البالغ 54 عامًا، والمعروف بلباقة حديثه، على رغم أنه اعتاد مواجهة الأزمات. خسارة مالية وتبدو الإيرادات عاملًا رئيسًا في تعامل برشلونة مع الأزمة. فقد رجح رئيس رابطة الدوري خافيير تيباس هذا الأسبوع، أن الدوري الإسباني لكرة القدم قد يخسر 20 % من قيمة حقوق النقل التلفزيوني للمباريات، في حال غياب برشلونة. ولن تكون التداعيات بسيطة على النادي كذلك. ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة برشلونة خوسيه ماريا غاي دي لييبانا، إن النادي «لن يعود قادرًا على ضم لاعبين بارزين عالميًا»، وإنه سيواجه خطر التحول «إلى ناد متوسط الحجم».