من أسماء الله الحسنى «العفو».. وكما قال تعالى في كتابه الكريم: (إنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًا غَفُورًا).. ف»العفو»، صفة من صفات الله، ولولا عفوه –جل وعلا- عن خلقه ما ترك على الأرض من دابة.. حيث قال: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى). وعفو الله تعالى مع قدرته على خلقه هو العفو عند المقدرة، وليس أحد أقدر على الخلق من الخالق، فقد جُعل أجر العفو على الله وليس على الناس كما قال تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ).. وهذا العفو ليس من مدير ولا رئيس، ولكنه من الله، وهو الجواد الكريم، فلا يجعل أجر العفو إلا الجنة، كما ذكر في القرآن عفو يوسف عليه السلام عن إخوانه بعد ما فعلوا ما فعلوا به، وقال لهم لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم، فهو لم يعاتبهم على ما فعلوا به، بل عفا عنهم دون أي كلمة لوم أو توبيخ. لاشك أن مبدأ التسامح عظيم، لأنه من خُلق الأنبياء والمرسلين مع أقوامهم، رغم أن أقوامهم كانوا يُؤذونهم ويُعذبونهم، وهو خُلق للعظماء وليس للضعفاء، ولأننا كلنا أهل خطأ، ونحتاج كثيرًا إلى من يصفح عنا، ويحلم علينا ليصنع لنا بذلك معروفًا ندين له أبدًا، فكلنا نخطئ ونذنب، وكلنا يحتاج إلى عفوٍ وتسامح ومغفرة، لأنها هي الممحاة التي تزيل آثار الماضي المؤلم. ونقول: لو الناس أخذت بالعفو لحافظوا على صحتهم وأنفسهم وأعصابهم، ولكانوا في غنى عن كثير من الأمراض العصبية والنفسية، ومن القلق والتوتر العصبي والنفسي.. نسأل الله أن يجعلنا من أهل العفو والصفح حتى نكون من المحسنين.