من خلال رؤية ملامح البشر في الطرقات، وفي الأسواق وفي تعاملاتهم نرى عليهم مظاهر الكبت والقهر بادية في سلوكياتهم وتصرفاتهم، فأصوات الشجار تعلو لأتفه الأسباب، «القهر الاجتماعي» أو «الظلم الاجتماعي» سببان مباشران لكثير من السلوكيات الخطيرة، التي تُشكل بمجموعها ما تستطيع تسميتهُ ب»مجتمع المقهورين»، الذين يسعون إلى إثبات «الأنا الشخصية» بأيّة طريقة وبأيّ وسيلة مسموح بها أو غير مسموح بها، وفي المجتمع المقهور يُمارس الجميع القهر والظلم على من هو أدنى منهُ، ويمتد القهر ليورّث إلى الأجيال اللّاحقة، ويتخذ القهر الاجتماعي أشكالًا متعددة، فهناك القهر عبر الحرمان وهناك القهر عبر الإقصاء، وهناك القهر عبر التهميش، وهناك القهر عبر الجهل، وهناك القهر عبر نشر الخرافات، لذلك جاء الإسلام حربًا على القهر الاجتماعي متمثلًا في الظلم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم «كل المسلم على المسلم حرام دمهُ ومالهُ وعرضهُ»، وحذر النبي من الانجرار من انتشار ثقافة «القهر» و»الظلم» قائلًا «لا يكون أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا». * وقفة: إنّ أولى خطوات إقامة المجتمعات السليمة يتمثل في نشر قيم العدل واحترام الحقوق المتبادلة بين جميع شرائح المجتمع ومحاربة القهر وأدواته.