تستعيد مملكتنا الحبيبة هذه الأيام ماضياً مجيدا وحاضراً زاهراً وتستشرق مستقبلاً مشرقاً وهي تحتفل بذكرى اليوم الوطني ، وهذا اليوم الذي سوف نستعيد فيه مسيرة الايادي الكريمة وراء الإنجازات العظيمة بقيادة رجل حفر اسمه في سجل الامجاد هو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه ذلك الرجل الفذ الذي استطاع من خلال ذكائه اللامع وعبقريته الثاقبة ان يوحد هذا الكيان العظيم وان يعلن باسمه قيام هذه الدولة الفتية المملكة العربية السعودية على دعائم أخذت بكل اسباب الحضارة والتقدم مستمدة دستورها من كتاب الله الكريم وسنة رسوله المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، وبهذه المناسبة تقف الجزيرة على الساحة الإعلامية ذاكرة مجد هذا الوطن المملكة حيث أرسى عبدالعزيز على صفحات التاريخ معالم حضارية سعودية عربية إسلامية، ستظل عميقة وعلى مدى الأزمان والدهور يستمد منها الحكماء نماذج الشجاعة والإدارة والنظرة الثاقبة والعقل الراجح. لكن ما اسلط عليه الضوء عبر هذه المساحة المحدودة يعتبر شيئاً يسيراً عن ابرز محور حققه الملك عبدالعزيز رحمه الله لتحقيق هذا الانجاز العظيم ألا وهو الأمن ماضياً وحاضراً، الذي يعتبر أساس كل إنجاز بل هو مرتكز الحياة بمعناها العريض الشامل لأن حاجة الإنسان للأمن تأتي في أول قاعدة الترتيب الهرمي للرغبات البشرية وإذا فقد الإنسان الأمن فلا حاجة له للرغبات الأخرى التي لن يفلح في اشباعها تحت ظروف التوجس وعدم الاطمئنان والخوف على حياته او القلق على مقومات الحياة والملك عبدالعزيز رحمه الله عندما أرسى دعائم المملكة ككيان موحد أدرك بثاقب فكره وعميق نظره ان الأوضاع التي كانت متردية قبل التوحيد، وحالة الأمة التي وصلت مرحلة تحتاج الى الاصلاح الجذري في كل الأمور التي لا سبيل لعلاجها إلا بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية كدستور للحياة في جميع المجالات وبالذات في قطاع الأمن الذي يلزمه الانضباط والحزم وأخذ الجوانب الإنسانية المستوحاة من الكتاب والسنة وتقدير ظروف أفراد المجتمع وهذا ما يعرف بمبدأ العدل والرحمة، كما ان الشعور بالأمن من اعظم النعم التي يمن الله بها على عباده قال تعالى والذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون آية 83 من سورة الأنعام وعلى هذا سار موحد المملكة وصقر الجزيرة عبدالعزيز زارعاً الأمن في ربوع بلاده المترامية الأطراف واستكمل بعدها خطوات التوحيد وجمع شتات شبه الجزيرة العربية في ظل دولة واحدة توطدت أركان الأمن وحلت السكينة والطمأنينة مكان القلق والخوف والحذر,, فحل الاستقرار بديلاً عن الارتحال والهلع تآلفت القلوب وتقاربت الأسر وعلى هذا المنوال توالت عصور ما بعد المؤسس الباني وتواصل تدعيم صروح الأمن وتركيز قاعدته وتوسيع مظلته حتى صار الأمن في هذه البلاد شجرة يتفيأ ظلها المواطنون والمقيمون على ارض المملكة من حاضرة وبادية. فرحم الله مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الذي شيد كياناً شامخاً يتناقله التاريخ مدى العصور، سائراً على نهجه أبناؤه الأوفياء للوطن والمواطنين ولأمتهم العربية والإسلامية الملك سعود والملك فيصل والملك خالد رحمهم الله وغفر لهم وحفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني المتحدين والمتخذين من سيرة البطل نبراساً لهذه الإنجازات العظيمة. وفي بداية هذه المناسبة التقيت بمعالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور محمد بن سعد السالم الذي قال: يسرني بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا ان اهنئ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني والشعب السعودي الكريم بمناسبة هذه الذكرى الغالية ونحمد الله عز وجل أن قيض لهذه البلاد مؤسسها وباني نهضتها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الذي وحد هذه الأطراف المترامية بفضل من الله وتوفيقه حتى أصبح ابناء هذه البلاد كالبنيان المرصوص أخوة متحابين. وأشار معاليه الى ان من نعم الله بعد توحيد هذه البلاد هو اهتمام الملك عبدالعزيز رحمه الله بالأمن منذ بداية توحيد هذه البلاد، لأن الأمن هو أساس كل نهضة وطنية وركيزة كل عمل تنموي, مشيراً في الوقت ذاته الى تطبيق هذه البلاد المباركة لاحكام الشريعة التي تكفل أسباب الأمن والأمان لكل من يعيش على هذه الأرض سواء كان مواطناً أو مقيماً. كما أشار د, السالم أيضاً الى ما نشاهده اليوم من اهتمام امني بقصة الحفاظ على سلامة المواطنين مرورياً وان ذلك إنما هو تفعيل وسير على المنهج الذي سار عليه المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وهاهم أبناؤه البررة يسيرون عليه من بعده متخذين نفس المنهج، فحياة أبناء هذا الوطن هي أهم ما يملكه الوطن ولذلك كان اهتمام ولاة الأمر بالمحافظة عليها أحد المهمات الأساسية التي عملوا على تحقيقها، سائلاً الله ان يحفظ لهذه البلاد قادتها وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وان يوفقه لما فيه خير للإسلام والمسلمين. الأمن الركيزة الأولى أما العقيد فهد بن سعود البشر مدير الإدارة العامة للمرور فقد قال: يعتبر الأمن الركيزة الأولى لبناء وتنمية أي مجتمع بشري وهو الأساس للنهضة الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية للمجتمعات الحديثة، فعندما ينعدم الأمن في أي مجتمع فإن ذلك يعني أن جميع مظاهر التنمية فيه سيصيبها الشلل التام حيث لا يأمن الناس على أرواحهم أو ممتلكاتهم وبالتالي يخيم على ذلك المجتمع حالة من انعدام الوزن التي تتسرب الى جميع مناشط الحياة فيه. والدولة السعودية أيدها الله قامت بجهود جبارة في مجال استتباب الأمن استشعاراً منها بأهمية الأمن,, ولقد تحققت الكثير من الانجازات في هذا المجال فمنذ توحيد المملكة العربية السعودية على يد المغفور له بإذن الله الملك المؤسس رحمه الله لترسيخ قواعد الأمن في هذا المجتمع استكمالا لبناء دولته الفتية واصبح يندر ان يكون له مثيل وذلك يعود بفضل الله الى تمسك قيادة هذا البلد الآمن بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والاخذ على أيدي العابثين بأمن هذا البلد. ومع شيوع الأمن والاستقرار انتعشت جميع مظاهر الحياة في المجتمع مما ساهم في نهضة وتطوير البلاد الى حد كبير انعكس بدوره على تطور بنية المجتمع في جميع مظاهرها واشكالها، ولاشك ان لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله اليد الطولى في هذا المجال لا سيما وانه كان مسؤولاً عن الأمن بشكل مباشر وذلك من خلال كونه وزيراً للداخلية، وخادم الحرمين الشريفين حفظه الله لازال يولي الأمن بمفهومه الشامل أهمية كبرى استشعاراً منه رعاه الله لما للأمن من أثر هام في الحفاظ على منجزات هذا الوطن الغالي ومكتسباته التي يأتي في مقدمتها الإنسان. نسأل الله سبحانه وتعالى ان يديم على هذه البلاد الطاهرة نعمة الأمن والأمان وان يحفظ لها ولاة أمرها وان يوفقهم الى ما فيه خير العباد والبلاد. الأمن بين الماضي والحاضر وقال الدكتور زيد بن محمد الرماني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود: يعتبر الأمن من اهم مطالب الحياة بل لا تتحقق مطالبها إلا بتوفره حيث يعتبر ضرورة لكل جهد بشري فردي او جماعي لتحقيق المصالح العامة للجميع والتاريخ الإنساني يدل على أن تحقيق الأمن للافراد والجماعات الإنسانية كان غاية بعيدة المنال في فترات طويلة من التاريخ وان الأمن لم ينبسط على الناس في المعمورة إلا خلال فترات قليلة, فالحرب والقتال بين البشر ظاهرة اجتماعية لم تختف حتى الآن وكان تغير الدول والامبراطوريات قديما ونشأتها وضعفها وانتهاؤها مرتبطاً في الغالب بالحروب ونتائجها, والأمن معنى شاملاً حياة الانسان ولا يتوفر الأمن للانسان بمجرد ضمان أمنه على حياته فحسب فهو كذلك يحتاج الى الأمن على عقيدته التي يؤمن بها وعلى هويته الفكرية والثقافية وعلى موارد حياته المادية. وكلمة الأمن وما يشتق منها وردت في القرآن الكريم في مواضع عديدة وذلك بمعنى السلامة والاطمئنان النفسي وانتفاء الخوف على حياة الانسان أو على ماتقوم به حياته من مصالح واهداف واسباب ووسائل وما يشمل أمن الإنسان الفرد وأمن المجتمع يقول تعالى الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف وقوله عز وجل وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً وقوله وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة , فالأمن على نفس الإنسان وعلى سلامة بدنه من العلل والأمن على الرزق هو الأمن الشامل الذي أوجز الاحاطة به وتعريفه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا فالمسلم يحتاج في إقامة دينه واداء شعائره والأمن على نفسه وعرضه وماله الى مجتمع آمن حتى ولو كان يعيش في بلد ومجتمع غير مسلم فالأمن من أول مطالب الإنسان في حياته, لذا جعلت الشريعة السمحة الحفاظ على هذه الضروريات من أهم مقاصدها, وأمن الإنسان لايمكن أن يتحقق إلا إذا توافرت له ضرورات الحياة هذا في اي مجتمع يعيش فيه. إن الأمن الفردي أي أمن الإنسان على نفسه وماله وعرضه ضد أي اعتداء يقع عليه من غيره مكفول عن طريق تطبيق الاحكام الشرعية التي تحمي الأنفس والأعراف والأموال, وولي الأمر مسؤول عن إقامة حدود الله حماية للأفراد ومنعاً لانتشار الفساد وشيوع المنكر في المجتمع. المجالات الأمنية للمجتمع المسلم كما أضاف الدكتور الرماني بقوله ان المجتمع المسلم محتاج للأمن في المجالات التالية: أولاً الأمن الاجتماعي بحيث يكون المجتمع كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً مصداقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى . ثانياً: الأمن الاقتصادي حيث نجد الإسلام يحرص على العمل ويدعو الى اتقانه حتى يصبح عمل المسلم متميزا عن عمل غيره يقول صلى الله عليه وسلم إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه , وقد وجه الإسلام الى العدل في التوزيع فلا يحرم عاجز وضعيف من ضرورات حياته وحاجاته الأساسية وكذا ان يكون الاستهلاك قصداً بحيث لا إسراف ولا تبذير وان يعطى الأجير حقه قبل ان يجف عرقه وان يوفر المجتمع مقومات كفايته من أجل أمن اقتصادي حقيقي واكتفاء ذاتي واستقرار اقتصادي. ثالثاً: الأمن الثقافي مطلب لأفراد المجتمع المسلم بحيث يعيش الناس في بلادهم آمنين على أصالتهم وعلى ثقافتهم المستمدة من دينهم, فلا بد من تحصين أفراد المجتمع ضد الملوثات الفكرية والغزو الثقافي والتغريب المفاهيمي. الأمن من أهم مطالب الإنسان وواصل الرماني: لقد أدرك الملك المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله منذ توحيد المملكة على يده أن الأمن من أهم مطالب الإنسان. فقد جاء في إحدى خطبه، ما يجعل هذا المعنى واضحاً جلياً حيث يقول: إن البلاد لا يصلحها غير الأمن والسكون لذلك أطلب من الجميع أن يخلدوا للراحة والطمأنينة واني أحذر الجميع من نزغات الشيطان والاسترسال وراء الأهواء التي ينتج عنها إفساد الأمن في هذه البلاد فإني لا اراعي في هذا الباب صغيراً ولا كبيراً، وليحذر كل إنسان أن تكون العبرة فيه لغيره . وقد أشاد كثير من الباحثين وحتى من غير المسلمين بنجاح الملك المؤسس رحمه الله في حفظ أمن المملكة على اتساع اطرافها وتعدد مناطقها, كما أشادت بالأمن في المملكة العربية السعودية كثير من المؤتمرات العلمية والأمنية التي انعقدت على المستوى الاقليمي والمحلي والدولي. وكان لجهد الملوك من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله أثره الكبير في استقرار الأمن وتقدم البلاد في جميع المجالات، فقد تابعوا جميعا رسالة تحقيق الأمن والاستقرار بكل عناية واهتمام. مفهوم الأمن في الدولة السعودية كما أشار الدكتور الرماني الى مفهوم الأمن في الدولة السعودية قائلاً: الأمن في الدولة السعودية يشمل الفرد والمجتمع، والحماية من المبادئ والتيارات الهدامة وأصحاب البدع والأهواء, يقول الملك عبدالعزيز رحمه الله في مدينة الطائف عام 1351ه احذركم من أمرين: الإلحاد في الدين والخروج عن الإسلام في هذه البلاد المقدسة,, والأمر الثاني السفهاء الذين يسوّل لهم الشيطان ببعض الأمور المخلة بأمن البلاد وراحتها . يتضح في الدولة السعودية مفهوم الأمن بأوسع معانيه، أمن الفرد على نفسه وعرضه وماله وأمن المجتمع على دينه وقيمه الخلقية والاجتماعية وأمن المسلمين حين يحتاجون الى المساعدة حتى في خارج المملكة. وللأسف فإنه في عصر حقوق الإنسان الذي تعترف فيه كثير من المجتمعات بكرامته وحقه في الحياة وفي التكافل الاجتماعي والمشاركة العامة، تنتهك الأعراض وتسلب الأموال، ويشتد ساعد عصابات الأجرام وتقف كثير من الحكومات عاجزة عن التصدي للفساد المستشرى: جرائم غسيل الأموال القذرة جرائم الاغتصاب، جرائم السرقة والقتل والبغاء والرشوة، جرائم المخدرات. ومن الاحصاءات المؤكدة على توافر الأمن في المملكة العربية السعودية ومحدودية الجرائم، الاحصاء السنوي للجرائم في المملكة والذي أظهر ان عدد الجرائم في جملته قليل بالنسبة لعدد السكان وإقامة أعداد كبيرة من الوافدين للعمل من مختلف الجنسيات, وان مرتكبي هذه الجرائم هم من الأفراد وان الجريمة في السعودية جريمة فردية وليست من جرائم التنظيمات الإجرامية أو العصابات. إن قلة عدد الجرائم في المملكة وضآلة عدد الجرائم الخطيرة مثل قتل النفس أو الخطف او الحرائق المتعمدة لايرجع الى الجهد الأمني وحده مع عظم الجهود المبذولة وانما يرجع قبل ذلك الى توفيق الله ثم الى الترغيب في الهداية والترهيب من الغواية، والتزام الدولة السعودية بالإسلام وتطبيق أحكامه وقيامها بالدعوة الى فضائله والتزام شعب المملكة في جملته بأحكام الدين الإسلامي وآدابه وما تسهم به الهيئات والأجهزة المختصة في حفظ المجتمع وأمنه. أثر الشريعة في أمن المجتمع الدكتور ابراهيم بن ناصر الحمود استاذ مساعد في قسم الفقه بكلية الشريعة قال: الأمن ضرورة من ضرورات الحياة وهو الغاية التي تسعى اليها كافة المجتمعات بشتى الوسائل من أجل الحصول على الأمن والاستقرار التام الذي به تحصل السعادة ويتحقق الوئام للمجتمع أفراداً أو جماعات وحاجة المجتمع الى الأمن اشد من حاجته الى الطعام والشراب إذ لا يهنأ عيش بدون استقرار, والشريعة الإسلامية جاءت بكل مامن شأنه تحقيق الأمن لكل مسلم وهذا إنما يتحقق بالايمان الصادق والعمل الصالح واجتماع الكلمة قال تعالى: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون والمجتمع السليم الآمن هو الذي يقيم حياته على نهج الله وشرعه وينظم شؤونه وعلاقاته على أساس ذلك المنهج ويكف عنه عوامل الاستفزاز والإثارة والظلم والاعتداء. ولقد اهتم الإسلام بصلاح المجتمع ووقايته من الأمراض الخلقية والاجتماعية وذلك بغرس العقيدة الصحيحة وتهذيب الأخلاق والسلوك, فكل أمة تفقد عقيدتها وأخلاقها فهي غير آمنة, وباستقراء نصوص الشريعة نجد اهتمام الشريعة بحفظ الضرورات الخمس وهي الدين النفس العقل المال العرض وقد شرع الله العقوبات الشرعية زواجر تردع كل من تعدى على حدود الله. أهم الوسائل الشرعية لأمن المجتمع كما أضاف د, الحمود بقوله: وقبل ذلك بحث الإسلام عن الوسائل التي تكفل دفع الضرر قبل حصوله، ومنع الجريمة قبل وقوعها ومن أهم تلك الوسائل: أولاً: العناية بأداء أركان الإسلام كما أمر الله، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والزكاة تطهر النفوس وتزكيها، والصيام يضرب الجوارح ويصونها عن القول أو الفعل المحرم والحج تتمثل فيه أقوى روابط الأخوة الإيمانية. ثانياً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو من فرائض الإسلام وبه تحيا النفوس وتعمر الأوطان وعليه يقوم صلاح المجتمع لأنه يأمر بكل فضيلة وينهى عن كل رذيلة, ثالثاً: تجنب الشبهات والبعد عن الشهوات يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام,,, وانما يحصل الاخلال بالأمن غالباً من هذا الباب إذا تخلى المجتمع عن أخلاقه وقيمه الإسلامية. رابعاً: تنفيذ حدود الله في حق العابثين بالأمن وذلك بالعقوبة الشرعية المناسبة يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لولا العقوبة التي فرضها الله على الجناة لأهلك الناس بعضهم بعضاً وبذلك يفسد نظام العالم . فالعقوبة هي أفضل وسيلة لبتر الفساد في المجتمع والقضاء على الجريمة وتحقيق الأمن الذي تحيا به النفوس قال تعالى ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون وهكذا كل جريمة لها ما يناسبها من العقوبة الرادعة تحقيقاً للمصلحة العامة ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فحفظ الإسلام على الناس دينهم وأموالهم وأنفسهم وأعراضهم وذلك بأسلوب وقائي وآخر علاجي,, ولن تستطيع أي قوة بشرية أن تحقق ما حققه الإسلام في سبيل الأمن ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون وبفضل الله ثم بفضل تطبيق أحكام الشريعة في المملكة ساد الأمن وعم الرخاء وأمن الناس في كل مكان حتى أصبحت المملكة ولله الحمد مضرب المثل في الأمن والاستقرار فقد عني ولاة الأمر في هذه البلاد وفقهم الله, بتطبيق أحكام الله في حق من تسول له نفسه الاخلال بالأمن، وظهرت آثار ذللك جلية والحمد لله في ربوع هذه البلاد حيث استتب الأمن وسادت ركائز الفضيلة بين الناس. كل ذلك بفضل الله ثم بفضل جهود العاملين في هذه الدولة, الذين حكموا شرع الله في عباده, وأقاموا حدوده فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. مدى الحاجة إلى الأمن والشعور به أما الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز اليوسف رئيس قسم الاجتماع والخدمة بجامعة الإمام فقد قال: مما لا شك فيه ان الحاجة الى الأمن والشعور به يعتبران من الحاجات الأساسية للإنسان إذا فقدهما اختل توازنه واضطربت شخصيته ولم يعد قادراً على أداء الأعمال المناطة به والاستقرار في مجتمع أو الشعور بالأمن داخل هذا المجتمع، ونظراً لأهمية الحاجة الى الأمان وإزالة الخوف من نفوس الأفراد فقد وردت كلمة الخوف في القرآن الكريم مرتبطة بالحزن وتهديد الحاجات الأولية عند الإنسان قال تعالى الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف وفي موضع آخر يقول تعالى ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ونظراً لأهمية الأمن والاستقرار في بناء المجتمع فإن الدول تفتقد الكثير من الأموال للمحافظة على الأمن والاستقرار حتى يشعر أفرادها بالأمن والطمأنينة وعندما يذكر الأمن والاستقرار يبرز النموذج السعودي كنموذج فريد استطاع رغم التغيرات التنموية والاقتصادية السريعة التي مر ولازال يمر بها ان يحافظ على استقراره وامنه وبرز النموذج السعودي كنموذج فريد في القدرة على تحديث البلاد, دون الدخول بها في مستنقع المشكلات ودون التأثير على البنية الأساسية التي يقوم عليها المجتمع، ومما لاشك فيه ان الأمن الذي تحظى به المملكة العربية السعودية والذي أصبح مضرباً للأمثال يرجع الى تطبيق الشريعة الإسلامية في حياتها بالاضافة الى وجود حكومة عادلة قادرة على تلمس احتياجات أفراد الشعب بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني الذين يبذلون الجهد لاستقرار أمن هذه البلاد, فاسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم على هذه البلاد نعمة الأمن والاستقرار في ظل تطبيق الشريعة الإسلامية.