إمارة الرياض لا تحتاج إلى مَنْ يعدد مناقبها ويطري محاسنها وهي التي تسير - بعد رعاية الله جل وعلا - على هدي توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، وخلال مسيرتها الحافلة منذ أن تشرفت بتولي سموه إدارة شؤونها والإمارة ترقى للعلا يوماً بعد يوم في مختلف المجالات، العمرانية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإدارية. وقد تجلَّت حكمة سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز وحنكته في النهج المتوازن الذي يتبعه في إدارة شؤون الإمارة؛ ففي الوقت الذي حظيت فيه الرياض العاصمة ببرامج تخطيطية وتطويرية في الميادين كافة بما يليق بعاصمة المملكة العربية السعودية نجد أن نظرة سموه الثاقبة لم تغفل عن مختلف محافظات الإمارة بلمحة الاهتمام والرعاية، من خلال متابعته لبرامج التنمية والتطوير وترقية الخدمات الضرورية، حتى إن سموه ومن شدة اهتمامه بنمو المحافظات عين محافظين من الأسرة المالكة على بعض منها، في إشارة واضحة إلى اهتمام سموه بالمحافظات. ومبلغ ظني - ولعله غاية أملي - أن سموه الكريم لم يتخذ تلك البادرة إلا كخطوة أولى في طريق يمهد له بفكره المتأني السديد، وأنها حلقة من خطة شاملة تعمل على رفعة هذه المناطق. أقول هذا وأنا أدرك، كما يدرك كثيرون غيري، مدى صعوبة وتعقيد الموقف في تلك المحافظات، التي تضم بين جنباتها أهواء وميولاً ومصالح، وإن اتفقت في الدين والوطن، إلا أنها - وبحكم التركيبة الداخلية لمجتمعنا - تحتاج لما هو أبعد من الخبرة الإدارية وأعمق من المحصول الأكاديمي وأكثر حكمة من القوالب القانونية والنظامية الصارمة، فالدراية بالتركيبة السكانية للمحافظة والتعامل معها والقدرة على الإمساك بكل شاردة وواردة من تفاصيل تكويناته ومتطلباته شرط أساسي لا بد من توافره فيمن يدير تلك المحافظات، إلا أنه ليس بكافٍ وحده، وإنما يتطلب القدرة والقابلية التي لا تعرف التردد في التعامل معها واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب والاستنارة برأي وخبرات أعيان المحافظات المشهود لهم بالنزاهة وسداد الرأي، دون أي محاباة أو تردد أو أي حسابات أخرى. وعبر تجربة أبناء تلك المحافظات دعوني أستشهد بمحافظة رماح كمثال؛ فإن المحافظين الذين تعاقبوا عليها لم يستطيعوا الرقي بالمحافظة وتوفير احتياجاتها ومتابعة المشاريع على أرض الواقع بشكل مستمر، وما يحدث على أرض الواقع هو التركيز والاجتهاد في الحفاظ على كرسي المحافظ فقط بدلاً من اتخاذ القرارات الكفيلة والمطالبة والمتابعة لإحداث نقلات تطويرية في المحافظة. فعدم وجود فروع لعدد من الجهات الحكومية الرئيسة التي تحتاجها الحياة بشكل يومي في المجالات الأمنية والاجتماعية والصحية كقسم مرور وفرع لمكتب العمل وفرع لمكتب الضمان الاجتماعي وأمن الطرق ووحدة مكافحة المخدرات وحدة الدوريات الأمنية وفروع للجامعات والكليات التعليمية للبنين والبنات وفرع بنك التسليف وفرع للجوازات وفرع السجن العام وفرع الشؤون الإسلامية وفرع للمواصلات والطرق.. لدليل قاطع على عدم قدرة المحافظين على تلبية احتياجات المواطنين والمقيمين, مؤكداً عدم القدرة على مواجهة اختلاف الأهواء والميول والمصالح التي أشرت إليها بداية؛ لذا نجدهم يعمدون إلى ممارسات توفيقية تترك الأمور على حالها، وتدفع المحافظة ثمن احتفاظ المحافظ بكرسيه ثابتاً على الحال إن لم يكن تراجعاً إلى ما هو أسوأ. أخلص من حديثي مناشداً صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز النظر في وضع محافظة رماح التي يتبعها هجر ومراكز عديدة، كما تتميز بموقع جغرافي يربط بين المنطقة الوسطى والشرقية والشمالية، وهي بمثابة المتنزه لسكان الرياض في فصل الربيع، كما أنها ممر لأحد أهم الطرق الدولية؛ ما يجعل وضعها بين المحافظات التي تستحق أن تشملها نظرة سموه الثاقبة بتعيين أحد أمراء الأسرة المالكة محافظاً عليها، وهم الأجدر على الارتقاء بخدماتها بما يتواءم مع أهميتها والإعلاء من شأنها، كما أنهم قبل كل شيء لا يرون لذلك الكرسي قيمة إلا بما يخدم الوطن والمواطن، وفوق هذا وذاك هم لا يحتاجون إلى محاباة أحد. إن عرضي لطلب كهذا لم يأتِ إلا لاقتناعي التام بجوهر ما ذكرته، كما أود أن أضيف مقترحاً في ختام حديثي أزعم أنه سيسهم كثيراً في تنمية المهارات الإدارية وتشجيع الإداريين على القيام بواجباتهم بل والتنافس على ذلك، وهو تخصيص جائزة باسم الأمير سلمان بن عبدالعزيز لأفضل المحافظات أداء، على أن تكون شروطها مرتبطة بتطوير المحافظة وترقية الخدمات وعمل دراسات ميدانية للمشاكل وإيجاد الحلول المناسبة، واستنهاض البرامج التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وغير ذلك مما يراه المختصون مناسباً. وفي اعتقادي أن جائزة كهذه يمكن أن يكون لها عظيم الأثر، فضلاً عن ارتباطها باسم سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز - سلمه الله -.