السياحة منظومة متكاملة، حزمة من الأنشطة والخدمات والمعطيات تتكافل وتتكامل لتعطي للسائح تجربة، ثرية مشبعة. قلت هذا لمحافظ مدينة العلا بعد جولة سياحية نظمتها الهيئة العامة للسياحة والآثار لنخبة من كتّاب الصحف لزيارة آثار مدائن صالح وما حولها، وكان النقاش في مجلس المحافظ حول مستقبل السياحة في المنطقة بعد أن ضمت هيئة اليونسكو آثارها لقائمتها المحمية، وزدت: تخيلت نفسي مع أسرتي في رحلة بالسيارة تتجاوز الثلاثمائة كيلومتر من المدينة إلى العلا، على طريق لا توجد فيه استراحات نظيفة، واحتجنا لدورة مياه. ثم تخيلتهم والسيارة تتقافز بهم على الطرق غير الممهدة داخل المنطقة الأثرية بالمدائن. وتخيلت صدمتهم بعد كل هذه المعاناة والحراس يمنعونهم من التصوير!!. وسألت نفسي: وماذا بعد زيارة المدائن والمدينة الأثرية؟ أين أذهب بهم؟ ماذا نفعل بقية اليوم؟ هل توجد أنشطة وفعاليات ترويحية بالعلا؟ هل توجد أسواق؟ معارض؟ متاحف؟ مهرجانات؟ أم أن فخر الموجود متحف صغير دوامه حكومي؟. وأين نبات؟ لا يوجد أكثر من فندق واحد أربعة نجوم، ولنفترض أنه كان مشغولاً، فماذا نفعل؟ نعود أدراجنا؟ ولو بقينا، وأردنا أن نتجول في اليوم التالي على بقية المناطق والمواقع السياحية في المنطقة، هل توجد شركات سياحية وأدلاء ومرشدون سياحيون؟. وإذا كان هذا حالنا ونحن من أهل البيت، تخيلوا الوضع مع الوفود السياحية الأجنبية. كيف سنتعامل مع حاجاتهم ومتطلباتهم إذا لم يكن لدينا ما نقدمه غير (الأماكن) السياحية البكر فحسب..؟!. أقارن هذا الوضع بما هو عليه الحال في منطقة البتراء بالأردن الشقيق، وهي امتداد لمملكة الأنباط التي تبدأ من العلا، وأصغر بكثير كمساحة وآثار من مدائن صالح، ومع ذلك فقد نجحت في أن تصبح مقصداً لسواح العالم، ومصدراً مهماً للدخل العام، كيف؟.. تم استثمار الموقع بتقديم خدمات مضافة من عروض ومعارض ومتاحف وخدمات فندقية وترفيهية وتسويقية متنوعة. ما الذي يحول بيننا وبين مثل هذا الاستثمار المجدي؟.. وعي عام بأهمية السياحة ومردودها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي على البلاد وسمعتها العالمية. وحتى يتحقق هذا الوعي ينبغي أن ندعم مجهودات الهيئة العامة للسياحة والآثار في هذا الاتجاه، وأن تساهم وسائل الإعلام المختلفة بالتعريف بمخزوننا السياحي البكر والدعوة للاستثمار فيه، ورفع مستوى وعي المواطن والمستثمر والجهات الحكومية والخاصة المعنية بشأن السياحة. [email protected]