لقد أوجع الناس ما يسمعونه ويقرؤونه ويتداولونه عن (الأوباء) الممزوجة بغذائهم.. وما يكتشف من مخاطر في حليب أطفالهم من هذا الصنف أو ذاك.. وما يُعلن عنه من بلاء طفحت به أصناف من المآكل والمشارب.. يتناولها الصغار والكبار, لا يلوذون من سوء عقباها إلا بالتسمية والتوكل على الله.. وقد هالهم ما يتم اكتشافه في الأدوية والعقاقير، من (بلاوي زرقاء) وسوداء وبكل الألوان.. لا يدركون ضررها إلا بعد أن تحتويها أجسادهم, ومن ثم يُعلن عن سحب هذا الدواء أو ذاك من الأسواق.. لأن ثمة اكتشافاً لما يحتويه من أضرار..! وقد تحللت عناصره في خلايا أجسادنا.. (والحالُ كذلك).. أعلن عن قيام (هيئة الغذاء والدواء).. وصار لها موقع على الإنترنت.. وصار لها كيان وقيمون ومتحدثون.. وعَرف الناس بأن لا مناص بعد اليوم من الرقابة على مأكلهم ومشربهم وأدويتهم.. امتثالاً وتطبيقاً لواجب الأمانة.. واستشعاراً للمسؤولية. وباستثناء أحاديث متلفزة.. لا يشاهدها الكثير.. ليس ثمة توعية أو إشهاراً لوجود هذه (الهيئة) يتناسب والمهام الجسام الملقاة على عاتقها. فالناس لا يعرفون إلا (هيئة واحدة) تفوق شهرتها ما عداها من هيئات.. تقوم بواجبها على أكمل وجه.. تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.. وتحتسب الأجر عند الله.. ولكن (هيئة الدواء).. لا تقل أهمية إلا لم تزد عن(الهيئة الشهيرة) وأتساءل ومعي الكثير من البسطاء وغير البسطاء: ما مجال عمل هيئة الغذاء والدواء..؟ وما اختصاصها الوظيفي..؟ أين فروعها.. وما مستوى تنظيمها الإداري..؟ وهل يُلزم موردو الأغذية والأدوية بعرض (بضاعتهم) عليها؟ هل لديها موظفون وخبراء وميدانيون..؟ يتأكدون من سلامة ما نعتاش به من طعام وشراب، وما نستشفي به من أدوية؟ هل لها فروع في الموانئ والمطارات والمنافذ البرية ترصد وتراقب كل ما يرد إلينا..؟ هل لها لوائح وأنظمة ملزمة، وهل ثمة عقوبات لمن يبيعوننا السم.. ويستهترون بأرواحنا..؟ هل تخضع مزارع الدواجن ومزارع الخضراوات المحلية مثلاً لرقابة هذه الهيئة.. وبعضها يغذي دواجنه وخضراواته بهرمونات ذات ضرر بالغ على صحة الإنسان, حتى تفشت الأمراض والأورام الخطيرة.. ولا حول للناس ولا قوة, وكما أتساءل هنا: ما المشترك بين الهيئة ووزارة الزراعة، وبينها وبين ما يسمى بصحة البيئة في البلديات.؟ لماذا لا تقوم الهيئة - هيئة الدواء أقصد - بتوعية الناس وإشعارهم بوجودها.. وطمأنتهم على أن ثمة عيناً أمينة ترقب ما يأكلونه ويتداوون به..؟ لماذا.. لا تقوم بحملة توعوية إعلامية، على غرار الحملات التوعوية كحزام الأمان والحملات الدعائية المكثفة التي باتت شركات الاتصالات تُعلن وتُسوق خدماتها من خلالها, حتى يستشعر الناس دورها ويتعاونون معها.. في شأن من أهم شؤونهم ومقصد من مقاصد الشريعة العليا التي جاءت لحفظه، وهو النفس وسلامتها.. حملة يُخطط لها وتُشرع المنافذ لوصول رسالتها عبر الصحف والتلفزيون والمطويات.. في الأماكن التي يرتادها الناس.. مجرد أسئلة أضعها بين عيني المؤتمنين على غذائنا ودوائنا.