اهتم ديننا الحنيف بالوقت باعتبار أن الوقت هو الحياة وعمر الإنسان في هذه الدنيا الذي طولب بأن يخصص لعبادة الله عز وجل {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، والعبادة في الاسلام لاتقتصر على أداء...... الشعائر كالصلاة والصوم والحج والزكاة مع أهميتها التي حدد أداءها بمواعيد معينة وهو دليل على أهمية الوقت، بل تشمل العبادة في الإسلام عمارة الكون وفق ما يرضي المولى سبحانه وتعالى والتعامل بكافة صوره، وأدنى ذلك إماطة الأذى وإفشاء السلام والتعامل الإنساني، فقد ورد في السنة الشريفة (إماطة الاذى عن الطريق صدقة) كما ورد في السنة النبوية (الكلمة الطيبة صدقة)، ويدخل في إطار التعامل الذي يندرج في عبادة الله إخلاص الموظف في عمله وتفانيه فيه وتحليه بصفات الأمانة والنزاهة والعدالة والمساواة والتواضع. وانطلاقا من ذلك تعتمد العملية الإدارية أو الوظيفية سواء في القطاع العام أو الخاص في إنجاز الأعمال واتخاذ القرارات وتحقيق الأهداف على عدة عوامل من أهمها العامل المادي والعامل البشري، والعامل البشري يعني كما هو معروف الموظفين سواء كانوا موظفين إشرافيين كالوكلاء أو المديرين أو رؤساء الأقسام، أو موظفين تنفيذيين كالكتبة والفنيين والحرفيين ونحوهم. ويعتبر وقت الدوام الرسمي سبباً رئيسياً في إنجاز الأعمال، فوقت الدوام ينظر إليه وكأنه وعاء تؤدى فيه الأعمال، ولذلك اعتبرت المحافظة على وقت الدوام من أهم الواجبات الملقاة على عاتق الموظف فإذا أخل الموظف بهذا الواجب يكون قد ارتكب مخالفة إدارية تتطلب مساءلته ثم معاقبته لأن الموظف إذ أخل بهذا الواجب بتفريطه في وقت الدوام فماذا يبقى بعد لكي يؤدي مهامه وواجباته. وإذا حافظ الموظف على واجب الالتزام بوقت الدوام بأن يحضر في الوقت المحدد ولايخرج خلال وقت الدوام الا بموافقة من رئيسه ولا ينصرف من وقت الدوام قبل موعد نهايته فهذا أمر جيد ومطلوب ولكنه لايكفي فمجرد الحضور للدوام بدون فاعلية لايحقق الالتزام بهذا الواجب لأن الهدف من الحضور للدوام هو العطاء والإنتاج وأداء واجبات الوظيفة والتعاون وتنفيذ تعليمات الرؤساء وخدمة المراجعين لأن العمل الإداري بما فيها العمل الوظيفي عبارة عن نشاط يهدف إلى السعي إلى تحقيق الأهداف المرسومة في ضوء الإمكانات والظروف المتاحة، وتحقيق هذه الأهداف مرتبط بوقت العمل الرسمي، وأهمية وقت العمل لاتقتصر فقط على أداء الواجبات الرسمية بل تتجاوز ذلك للوصول إلى درجة متقدمة من النجاح أو الإبداع، كما أن القرارات التي تعتبر القلب النابض للعملية الإدارية لاتتخذ إلا في وقت الدوام، ولذا فإنه مطلوب من المعنيين بل بصفة عامة من كل العاملين المحافظة على الوقت وإدراك أهميته فقد قيل: إن الوقت هو:- * الحياة لأن مجريات كل ما يتعلق بحياة الانسان تتم فيه، ولذا أطلق على حياة الانسان العمر وهو جزء من الحياة. * السيد، لأن الانسان يتخلى عن ارتباطاته ومسؤولياته من أجل الوقت، فالوقت يمارس سيادته على الانسان مهما كان موقعه فكثيراً ما نقوم بترك الكثير مما نرغب بسبب فوات الوقت. * اللغز، وهو إحدى الحالات أو الأوصاف التي أطلقت على الوقت عندما يتسم الوقت بالغموض وعدم الوضوح، فالإنسان الذي يستدعى مثلاً لمقابلة أحد المسؤولين بدون تحديد موضوع المقابلة فإن هذا التصرف ربما يدخل في مفهوم الألغاز حيث يقوم الشخص المستدعى بالاستعداد لهذه المقابلة ربما بما يزيد عن الأمر اللازم. * خادم للإنسان، وهذا وصف آخر تم إطلاقه على الوقت، ذلك أن الوقت عندما يخدم الانسان فإنه يمكن التحكم فيه والسيطرة عليه إلا أن هذا الامر يتطلب من الانسان مهما كان موقعه التخطيط المسبق للوقت. إذاً فإذا كانت هذه هي أهمية الوقت وحساسيته فماذا تعني إدارة الوقت؟ والإجابة عن ذلك تتمثل في أن إدارة الوقت تعني قيام المسؤولين والمشرفين في مجال العمل الوظيفي بتوجيه القدرات الشخصية للأفراد والموظفين وإعادة صياغتها لإنجاز العمل المطلوب في ضوء القواعد والنظم المعمول بها وفقاً للوقت المحدد. ومهمة إدارة الوقت هي مسؤولية المديرين بالدرجة الأولى ذلك أن مهام المديرين وأنشطتهم اليومية تكاد تنحصر في الآتي:- * العمل المكتبي حيث يقوم المدير أو المشرف بدراسة المعاملات المعروضة عليه واتخاذ التوجيهات حولها. * الاجتماعات حيث يجتمع المشرف مع مرؤوسيه لمناقشة أبرز المعاملات أو تلك التي تحتاج إلى رأي جماعي. * استخدام الهاتف حيث يقوم بطلب أو استقبال المكالمات ذات العلاقة بالعمل. وإدارة الوقت تتطلب من المدير أو المشرف التخطيط للوقت لأن عدم قيامه بذلك يؤدي إلى ما يلي:- * خضوع المدير أو المشرف أو رئيس القسم لظروف وإرادة الآخرين وإعطاء الفرصة لسيطرة أصحاب النفوذ والمحسوبية على عمله. * التركيز على قيامه بالتصدي للقضايا الإدارية والتنظيمية وإهمال ما يتعلق بأداء الموظفين وهو الأمر الأهم. * قيامه ببذل جهد إضافي لمعالجة الأخطاء الناتجة عن التأخر في دراسة الموضوعات الحيوية. * التوتر والاجهاد الذي يصيب المشرف بسبب عدم تنظيم الوقت وانعكاس ذلك على الموظفين والمراجعين. * الاستعجال والارتجالية في دراسة الأمور المهمة والسطحية في اتخاذ القرارات. * تراكم الأوراق والمعاملات لديه وأثر ذلك على حركة العمل وانسيابه. من ناحية أخرى هناك جوانب تؤدي إلى ضياع الوقت وهدره ومنها:- * الاجتماعات المبالغ فيها أو اللجان التي لالزوم لها خاصة إذا لم يحدد لها جدول أعمال واضح. * كثرة عدد الزوار من خارج جهة العمل خاصة اذا كان هدف هذه الزيارات امور شخصية. * أسلوب إعداد الخطابات والإطالة فيها من دون حاجة، فالخطابات الصادرة أو الواردة ينبغي أن تقتصر على الأمر المطلوب وألا يرفق بها إلا ما هو ضروري. * عدم توفر المعلومات أو الأنظمة الضرورية لأداء العمل وبذل جهد كبير في سبيل الحصول عليها. * تضارب وتداخل الاختصاصات بين القطاعات أو الإدارات وما يترتب عليها من اختلافات تتطلب الكثير من الجهد لتجاوزها. * التركيز على العلاقات الخاصة والمحسوبية وتكوين المجموعات الصغيرة. * قيام المدير أو المشرف بأعمال فوق طاقته ومقدرته ووقته إما بسبب سوء التنظيم أو بسبب ميل المدير نفسه إلى مركزية القرار. إذاً فإن تنظيم علاقة الموظفين بالوقت تأتي في مقدمة مهام الإدارة الواعية التي تطمح في تميز أداء الموظفين لديها ويتطلب ذلك وضع آلية توضح المهام والواجبات بحيث يمكن التغلب على القدر المفقود من الوقت الناتج من الاجتماعات واللجان والزيارات واستعمال الهاتف كما يتطلب ذلك العمل على توفير الأنظمة والقرارات والمعلومات اللازمة لأداء العمل بدون معاناة أو عقبات. وإدارة الوقت في مجال العمل الوظيفي تعني أيضاً إشغال وقت الموظفين وعدم إتاحة الفرصة للفراغ أو التسيب فينبغي أن يتعود الموظفون على بذل جهود إضافية لما يطلب منهم تتمثل في التعاون والتنظيم والتخطيط وقراءة كل ما يتعلق بالعمل من أنظمة ولوائح وقرارات، فالموظف الذي ينهي عمله اليومي في وقت مبكر ينبغي ألا يبقى مكتوف اليدين بل عليه التعاون مع زملائه الآخرين الذين قد يكون لديهم أعمال أكثر أو أن قدراتهم تقل عن قدراته فإن لم يوجد أعمال لدى زملائه فعليه الانشغال بعملية الترتيب والتنظيم الخاص داخل مكتبه ومراجعة ما يتعلق بعمله، والمشرف إن لم يكن لديه أعمال ورقية فعليه الاهتمام بالمتابعة الميدانية أو مراجعة ما يتعلق بأداء إدارته وموظفيه، وقد اهتمت المؤسسات التدريبية كما هو شأن معهد الإدارة العامة في بلادنا بإدارة الوقت فوضعت له البرامج التوعوية التي يلتحق بها الموظفون من أجل الإحاطة بكل ما يتعلق بهذا الجانب.