* أكد عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم - سابقاً - والخبير الاجتماعي الدكتور عبد الإله بن سعيد أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود أن معالجة وتصحيح أوضاع اللاعبين المعتزلين ممن تكالبت عليهم الظروف الصحية والاجتماعية والمادية ووجدوا أنفسهم في أحضان المعاناة.. تتطلب مبادرة من المؤسسة الرياضية في إيجاد أو إنشاء جمعية خيرية رياضية.. تُعنى بشؤون اللاعبين المعتزلين كما يحدث في معظم البلدان في الخارج.. وشدد على أن الأندية في ظل وضعها الإداري والتنظيمي القائم داخل دهاليزها لا تزال تمارس سلوك الجحود والنكران مع أبنائها ممن خدموا مسيرة أنديتهم ووجدوا أنفسهم بعد ابتعادهم عن الملاعب على رصيف الفقر والفاقة.. وأوضح قائلاً إن الرياضة رسالة إنسانية قبل أن تكون ميدان فوز وخسارة.. وتمنى الخبير الاجتماعي تكريس المفهوم الاجتماعي في الأندية باعتبار أن شعارها (رياضي - ثقافي - اجتماعي) وذلك بالالتفاف حول الحالات الرياضية الإنسانية التي ضحت من أجل أنديتها وكُوفئت بالجحود والنكران.. إلى نص اللقاء القصير مع الخبير الاجتماعي: 1- يُشكِّل الرياضيون شريحة من المجتمع السعودي لكن ثمة فئة من اللاعبين السابقين تكالبت عليهم الظروف الصحية والمادية والنفسية والاجتماعية.. ومنهم من ارتمى في أحضان المعاناة.. ومنهم من وجد نفسه على رصيف الفقر والحاجة.. ومنهم من أصبح أسيراً على سرير المرض.. سؤالي للخبير الاجتماعي الدكتور عبد الإله.. كيف نعالج تلك الحالات الاجتماعية الرياضية الإنسانية..!!؟ * في رأيي المتواضع أن علاج مثل هذه الحالات في الوقت الحالي وفي الظروف الإدارية والتنظيمية للأندية يعتبر من الأمور الصعبة، فالنادي كمؤسسة إدارية بما تعنيه هذه الكلمة من معنى ما هو إلا إدارة أو منشأة تهتم فقط بكيف يفوز الفريق، وكيف يحصل على أكبر عدد من النقاط ومن اللاعبين المميزين، بمعنى أن أهداف النادي كلها تلوى أو تجبر لتصب في غاية واحدة وهي الفوز. * إن من المحزن جداً أن نرى لاعبين كانوا في يوم من الأيام نجوماً يملؤون الصحف والمدرجات والأندية وبعد اعتزالهم يصبحون نسياً منسياً، وغالبتهم يتعرضون للفقر والفاقة وضيق ذات اليد.. وفي الواقع الأندية لا تستطيع لوحدها أن تقوم بهذا العمل مهما شاهدنا وسمعنا من حفلات تكريم وتبرعات ودعم فهو في الغالب اجتهادات فردية محدودة وهو أيضاً يتوقف على شطارة اللاعب المعتزل مع ناديه وإدارته أقرب منه إلى مبادرة من النادي نفسه وأيضاً وهذا هو الأهم يتوقف على القدرة المالية للنادي. * هدفه الأول والأساسي هو تجهيز اللاعب فنياً ولياقياً.. وفي رأيي هذا جداً كافٍ على النادي الذي يجهز اللاعبين للأندية وللمنتخب عندما يعتزل اللاعب المحترف ويبتعد عن النادي الدور هنا وبأكمله يفترض أن يتحول للرئاسة العامة لرعاية الشباب والتي يجب أن تنسق مع دوائر ومؤسسات حكومية مثل التأمينات الاجتماعية أو مصلحة معاشات التقاعد الى جانب صندوق اللاعب.. يجب أن يُعامل اللاعب المحترف كموظف يعمل في قطاعين هما: الحكومي والخاص. 2- في اليابان أُنشئت مؤسسة خيرية رياضية اجتماعية.. ترعى أحوال اللاعبين المعتزلين وتصحح أوضاعهم مهنياً ومادياً ونفسياً وصحياً من منطلق الديمومة اليابانية وكذلك الحال في قطر والإمارات.. هل تؤيد كمتخصص في الشؤون الاجتماعية وجود مثل تلك المؤسسات الإنسانية الرياضية في رعاية الشباب مثلاً!؟ أم ماذا؟ ** أنت في سؤالك هذا تقترب من الإجابة على سؤالك الأول وتلمح بالمطالبة بإنشاء جمعية خيرية تُعنى بشؤون اللاعبين المعتزلين.. وفي الواقع هذا جزء مهم جداً من الحل.. الجمعيات الخيرية أثبتت جدواها اليوم.. خذ على سبيل المثال جمعية إنسان وما تقوم به من عمل خيري لرعاية الأيتام والذي خفف كثيراً من الأعباء على وزارة الشؤون الاجتماعية.. الأندية كثَّر الله خيرها ما دامت ترعى اللاعب المسجل لديها وتوفر حقوقه الاجتماعية والمادية وبعد اعتزاله وتركه للعب يجب أن يظهر دور المؤسسات الأخرى والذي هو في الحقيقة دور معدوم أو مغيَّب ويحتاج إلى تكاتف الجميع لإبرازه. 3- كيف ننمي ثقافة الادخار المالي للاعبين الحاليين الذين يتقاضون رواتب شهرية عالية.. إذا أخذنا في الاعتبار أن عمر اللاعب قصير قبل أن يجد نفسه بعد اعتزاله في دائرة المعاناة الاجتماعية والمادية والنفسية والصحية!!؟ وما هو دور الأندية في هذا الجانب!؟ ** المجتمع السعودي والخليجي بشكل عام ثقافة الادخار معدومة لديه، ليس على مستوى اللاعبين وإنما على كافة الفئات الاجتماعية، الإنسان الخليجي نشأ على أن يصرف ما في الجيب ويأتيه ما في الغيب، وأن لا يحفظ قرشه الأبيض ليومه الأسود إذن واضح القدرة على الادخار تكاد تكون معدومة عند الإنسان الخليجي وهي تبرز بشكل أكبر عند لاعب الكرة خصوصاً المشاهير منهم الذين تتطلب شهرتهم زيادة في الصرف، إننا لا نستطيع أن نغير ثقافة الإنسان الموروثة عبر آلاف السنين بين يوم وليلة والحل: هو الإجبار على الادخار بعمل نظام الاعتزال وهو حسم جزء من الراتب وإنشاء مؤسسة مالية أو صندوق يُعنى بالاستثمار وبالتالي الصرف على اللاعب بعد اعتزاله.. أما بالنسبة لدور النادي فهو مهم وحاسم إذا وضع النظام ووضع المحاسب القانوني المتخصص والإداري المتخصص!!!! 4- هل ترى من الأهمية بمكان أن تضطلع الأندية الرياضية بمسؤولياتها الاجتماعية.. تجاه أبنائها اللاعبين ممن تكالبت عليهم الظروف القاسية بعد تركهم ومغادرتهم الملاعب خصوصاً أن الأندية تحمل شعار: (رياضي - اجتماعي - ثقافي)!!؟ ** المسؤوليات الاجتماعية أو الاقتصادية بالأصح تجاه اللاعبين بعد اعتزالهم ليست مسؤولية النادي لوحده.. بل إن مسؤولية النادي يفترض أنها تكون محدودة، وهذا لا يتعارض مع كون النادي يحمل مسمى: (رياضي اجتماعي ثقافي).. صحيح أن دور الأندية في الجانب الاجتماعي والثقافي أقل لكنه موجود ويبرز أكثر في أندية الدرجة الأولى والثانية حيث إن المجتمع أكثر ترابطاً والتفافاً حول النادي.. لكن أتمنى أن تكرس الأندية مسؤولياتها الاجتماعية في خدمة الجمعيات الأخرى بالمجتمع المدني كجمعية إنسان لرعاية الأيتام وجمعية أصدقاء المرضى وغيرها وذلك بدعمها كجمعية إنسان لرعاية الأيتام وجمعية أصدقاء المرضى وغيرها وذلك بدعمها ومشاركتها في احتفالياتها.. والحقيقة سعدت من قيام بعض نجوم الكرة السعودية مؤخراً بمشاركتهم في احتفالية جمعية إنسان.. وأحب أن أشيد هنا ببادرة نجم الهلال السويدي ويلهامسون الذي تبرع ب50 ألف ريال لصالح جمعية إنسان في حفل نادي الهلال لإطلاق حملة (من واجبنا) رمضان الماضي بعد فوزه بجائزة زين لأفضل لاعب في الجولة الأولى من الدوري.. وأعتقد أن هذا السلوك الإنساني يمثل جزءاً من مسؤوليات اللاعب الاجتماعية.. وهذا ما نشاهده من قيام بعض نجوم العالم بالزيارات الاجتماعية في الميادين الإنسانية.. علاوة على المشاركة في المباريات الخيرية التي يذهب ريعها لصالح المعاقين والمرضى والفقراء وغيرها من الظواهر الاجتماعية. 5- كلمة أخيرة تود أن تقولها في نهاية هذا الحوار القصير؟ * في الواقع عندما أشاهد اللاعبين من الجيل السابق في المقابلات التلفزيونية أو الصحفية وما قدموه من خدمة لبلادهم سواء عن طريق الأندية أو عن طريق المنتخبات وما هم فيه من وضع اجتماعي واقتصادي أشعر بذنب كبير تجاه هؤلاء المحاربين الذين لا يختلفون عن أي شخص سواء كان موظفاً مدنياً أو عسكرياً.. اللاعب في رأيي يحمل مسمى الوظيفتين فيجب أن نهتم بمستقبله لكي يزهر حاضره الرياضي، وبالتالي يقف على أرضية صلبة وآمنة وأن برنامج سيرة من البرامج المميزة في التلفزيون السعودي والتقى بكثير من اللاعبين المعتزلين وكشف عن أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية.. لقد اجتمعت بالأستاذ عبد الرحمن الحسين والأستاذ عبد الله الحصان في منزلي مراراً وبمعرفة من الأستاذ عادل عصام الدين للبحث عن طريقة لوضع مكافأة مالية مجزية للاعب بعد مقابلته تلفزيونياً تشجيعاً لتوثيق التراث الرياضي وحفظ التاريخ من مصادره الأولية.. وهذا مهم بالتأكيد ومنها مساعدة اللاعب بطريقة راقية كتكريم على جهوده السابقة لكن ميزانية التلفزيون ولوائح وزارة الإعلام لا تسمح بذلك.. ومن جريدة الجزيرة أوجه كلمة لمعالي وزير الثقافة والإعلام -حفظه الله- بالاهتمام بهذا الأمر ولا سيما أن برنامج سيرة له مشاهدون كثر ومن البرامج الناجحة واللاعب أو الضيف يمثل حجر الزاوية في نجاح البرنامج وإثرائه.. إن مثل هذه الجوائز المادية ممكن أن تساعد اللاعبين أو تخفف من مرارة العيش ومواجهة متطلبات الحياة لهؤلاء ولا سيما أن ثمة أنماطاً من اللاعبين غالبيتهم لا يملكون منزلاً وبعضهم أسير على سرير المرض والمعاناة.. ومنهم من نجده مرمياً في أحضان الفقر والفاقة.. وأملنا إن شاء الله في ظهور جمعية أو اتحاد يُعنى بشؤون اللاعبين السابقين الذين خدموا الكرة السعودية في سنوات مختلفة وضحوا من أجل وطنهم والله الموفق.