جاء فوز نادي برشلونة هذا العام بالبطولات الثلاث التي نافس عليها انتصاراً واضحاً ومقنعاً للكرة الهجومية التي قتلتها الكرة الدفاعية بخططها وتكتيكها العقيم الذي غيب معه المتعة التي ينشدها ويتطلع إليها جميع محبي ومتتبعي كرة القدم في العالم أجمع. ** سيطرت الكرة الدفاعية على معظم الأندية الأوروبية والعالمية لوقت طويل قارب أن يكمل عقداً من الزمان، وبالذات تلك الخطط التي تضع لنا مهاجماً واحداً فقط في الأمام مع تراصف بقية اللاعبين في الصفوف الخلفية للدفاع عن مرمى فريقهم أغلب فترات المباراة. ** فوز برشلونة ببطولة الدوري وبطولة الكأس وبطولة أوروبا لم يأت من فراغ، ولم يأت بمجهود فرد، بل جاء كنتيجة للعمل والفكر والأسلوب الذي تنتهجه الإدارة الحالية المشرفة على الفريق ككل بقيادة الرئيس الاسباني الرائع خوان لابورتا.. الذي وعد الجميع عندما بدأ مهامه رئاسته في عام 2003م وتعاقد مع البرازيلي رونالدينهو وبدأ في التركيز على قاعدة النادي الشابة. ** قاعدة النادي الشابة التي أخرجت لنا تشافي وأنييستا وبويول والحارس فالديز وكذلك النجم الأرجنتيني الشاب ليونيل ميسي وعلى رأس كل هؤلاء وقبلهم بسنوات المدرب الحالي جوارديولا. ** من وجهة نظري الخاصة والمتواضعة أن التفوق في مجال كرة القدم يأتي من خلال التفوق في الإدارة.. فلا يمكننا أن نقول: إن الكرة الانجليزية متفوقة على الكرة الاسبانية أو الإيطالية، وإنما يمكننا القول: إن الإدارة في الكرة الانجليزية متفوقة على الإدارة في الكرة الاسبانية والايطالية.. فإدارة برشلونة ومانشستر يونايتد وليفربول وتشيلسي وأرسنال هي من تفوق على الجميع وأنتجت لنا فرقاً تصارع بقوة على البطولات الأوروبية. ** لو كانت الكرة الانجليزية متفوقة على الاسبانية والايطالية وبقية دول أوروبا فأين هي في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي التي غاب عنها الأربعة الكبار في انجلترا (الأربعة المتفوقين إدارياً)؟ ** نادي أشبيلية الاسباني حقق كأس الاتحاد الأوروبي مرتين متتاليتين قبل سنتين وتوج كأفضل فريق في أوروبا نظير النتائج الكبيرة التي حققها، وكل ذلك كان بسبب العمل الإداري المحترف الذي قدمه لنا مسؤولو نادي أشبيلية بالاعتماد أولاً على القاعدة الشابة التي أخرجت لنا دييجو كابيل وخيسوس نافاز وتعاقدات مع لاعبين أمثال الهداف المالي كانوتيه والهداف البرازيلي فابيانو ولاعب الوسط المالي سيدو كايتا.. والقائمة تطول. ** سقط نادي ميلان الايطالي من حيث شعبيته الأوروبية بشكل خاص وشعبيته العالمية بشكل عام بصورة كبيرة بعد أن قرر مسؤولوه تغيير نهجهم الهجومي المرعب الذي كان يعتمد فيه على لاعبين أمثال ماركو فإن باستن ورود جوليت وربيرتو دونا دوني ومن بعدهم جورج وياه وبوبان وليوناردو وبيرهوف وربيرتو باجيو والقائمة تطول (حتى أن بيليه أطلق عليهم فرقة الأحلام وقتها).. لينتهج النهج الدفاعي بالتعاقد مع المدرب الايطالي كارلو أنشيلوتي الذي بات يعتمد على مهاجم واحد فقط بالرغم من معارضة الرئيس برليسكوني لذلك النهج العقيم، ويبدو أن ميلان عاقد العزم هو الآخر على العودة لنهجه الهجومي بعد أن قرر بشكل غير معلن بعد أن ليوناردو البرازيلي سيكون جوارديولا الميلان. ** قالها كاكا في تصريح مباشر أن ليوناردو سيكون جوارديولا الميلان.. وفي ذلك دليل واضح وصريح لانتصار الكرة الهجومية على الكرة الدفاعية، وبرشلونة تمكن من إقناع مسؤولي ميلان بحذو طريقهم نحو اللعب المفتوح والشامل بتوازن يكفل للمشاهد الحصول على المتعة الحقيقية في كرة القدم، وفي حال نجاح ميلان الموسم القادم في نهجه الهجومي فإنه بالتأكيد سيزيد من إقناع بقية الفرق الكبيرة في تغيير نهجها وخططها.. وهو ما يريده تماماً رئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشيل بلاتيني. ** آرسنال الانجليزي من الفرق التي تعتمد على النهج الهجومي واللعب الشامل الممتع بقيادة مدربه الفرنسي آرسين فينجر، إلا أنه ما يعيب الآرسنال هو اعتماده على الشباب فقط دون تطعيمهم بعنصر الخبرة. ** كرويف الأسطورة الهولندية تحدث هو الآخر عن أن أحد أهم الأسباب التي أبعدت الفرق الايطالية عن ساحة المنافسة الأوروبية هو نهجها الدفاعي الذي تسبب في إبعاد الجمهور عن الحضور في المدرجات في الملاعب الايطالية وطالب أن تعيد الفرق هناك التفكير في نهجها الذي تتبعه وأن تعتمد على تقديم المتعة بدلاً من الالتزام بتغطية المناطق الخلفية بشكل مبالغ فيه.. فالجماهير لن تدفع الأموال وتحضر المباريات إلا لتستمتع. ** أتمنى من أندية الوطن وخاصةً الأندية الكبيرة منها أن تنتهج النهج الهجومي الذي يجتذب الجماهير للمدرجات، فالخطط التي تعتمد على مهاجم واحد باتت خططاً قديمة في ظل الانتصار الكبير الذي حققه برشلونة بثلاثية هذا العام حيث إن القوة الهجومية هي الطريق نحو البطولات، ولنا في نادي الاتحاد السعودي عبرةً في ذلك، فهو النادي الوحيد من بين الأندية الكبيرة الذي تعاقد مع اثنين من المحترفين غير السعوديين يلعبون في خط الهجوم بالرغم من امتلاكه مهاجماً دولياً، وهو الفريق الوحيد الذي خطف البطاقة الآسيوية لدور الثمانية، وليس هذا العام فحسب حيث سبق للاتحاد التعاقد مع السيرليوني كالون والكاميروني جوب ووصل للعالمية وكاد أن يقصي ساوباولو البرازيلي ويصل للنهائي العالمي.. فهل تستفيد بقية الأندية الكبيرة من ذلك. ** مانشستر يونايتد هو الفريق الوحيد في العالم الذي يخلط بين الثقافتين (وجهة نظر خاصة)، فالسير أليكس فيرجسون بدأ المباراة بمهاجم واحد في الأمام وهو واين روني وخلفه رونالدو، ومع انطلاق الشوط الثاني قلب طريقته من خطة (4-5-1) إلى خطة (4-3-3) عندما دفع بالمهاجمين تيفيز وبيرباتوف بجوار روني.. لكن الوقت لم يسعفهم.. واللاعبون لم يستوعبوا تغير طريقة اللعب، وبرشلونة لم يمهلهم الوقت وسجل الثاني عن طريق ميسي، ولو كان المان يونايتد يلعب بطريقة (4- 3-3) بشكل ثابت منذُ بداية الموسم لتمكن نجوم الفريق من تقديم كرة هجومية توازي تلك الكرة التي قدمها لنا نادي برشلونة الاسباني. للتواصل عبر الايميل - [email protected]