ما الرابط بين ما يدور في العقل الباطن للكاتب وهو نائم، وما يسجله فيما يكتب من أفكار؟.. بلا ريب هناك دراسات قديمة وحديثة عن علاقة الأحلام حتى اليقظة بمعتلجات الأفكار، فثمة خفايا صامتة عنها شفاه المرء، لكن شفاه العقل تصرخ بها في الداخل.. ولست أرغب في الإيغال في التحدث عن أمور سيحتسبها المختصون ضمن ما يدخل وراء سياجاتهم؛ لأنهم حسب التصنيفات يؤمنون بأنهم وحدهم هم المخولون للحديث عنها والإسهاب في تفاصيلها، ولا تعنيني بكلِّها ولا بتفاصيلها إلا ما يتعلق منها بفكرة طرأت لي وأنا أتجول قاصدة فجر اليوم بين كُتّاب الصحف المختلفين، لم أقصد اسما بعينه ولا موضوعا بذاته.. لكنني شئت الوصول إلى القاسم المشترك بين ما يفكرون فيه معاً، وما يمكن أن يرتبط بأحلامهم، تلك التي عادة ما يعلن عنها في مشاريع مجتمع موحَّد، أو طموحات تتحدث عنها استراتيجيات مسبق الإعلان عنها في وسائل التواصل البشري المحدود بهوية ما، أو المطلق قيد الإنسانية؛ ذلك لأن العظماء والفلاسفة والمفكرين منذ البدء أكدوا أن منجزاتهم ما هي إلا نبات أحلامهم، وأن أحلامهم كانت تقض مضاجعهم بل طرقهم، حتى أن أرخميدس صاح: (وجدتها) عند اكتشاف نظريته، بينما سيبويه مات وفي صدره شيء من حتى لم تفده أحلامه ولا التقلب معها نوماً ولا يقظة, لكن وجدت الكُتَّاب كما هي سمة عصرهم كل واحد بأفكاره يهيم في واد, لا قاسم مشتركا بينه وبين غيره، وكأن الناس قد غطى الأسمنت على مخارج ومنافذ أحلامهم، وبالتالي غدت أفكارهم بنت لحظتها.. *** يا زمن العجلة.. واللقمة الساخنة على الطريق.