بعض الناس.. مشكلته كثرة الكلام.. فهو يتحدث في كل مكان. ** إذا جلس وسط جمع وجدته.. هو الذي يتحدث.. وإذا رأيته لوحده.. فإذا به يتحدث في الهاتف وكأن الشخص الذي يهاتفه ساكت وإذا اتصل بك.. تمنيت إنهاء المكالمة ولكنها لا تنتهي. ** أعرف أشخاصاً يضعون نغمة خاصة لبعض أصدقائهم ومعارفهم.. وسألتهم.. لماذا؟ قالوا: لأن هؤلاء إذا اتصلوا بك.. لن تنتهي المكالمة إلا بعد ساعة أو ساعتين.. بمعنى.. أنك تعجز عن إسكاته. ** قلت.. وكيف تستطيعون إنهاء المكالمة مع شخص كهذا؟ ** قالوا.. أحيانًا تتدخل بطارية الهاتف وتُنهي المكالمة إذا نفذت.. وأحياناً.. نحن نقفل الجهاز ونقول لاحقاً إن البطارية انتهت. ** في بعض المكاتب.. تشاهد أحد الموظفين لا يسكت.. وعند مراجعة إحدى الدوائر.. تجد بعض المراجعين لا يسكت من كثرة الكلام. ** تراجع عيادة طبيب وتجد الأطباء يتأذون من بعض المراجعين حيث إنه لا يسكت حتى لو أراد الطبيب إسكاته. ** يتحدث مع الطبيب في كل شيء.. ويهذر في كل شيء.. ويعجز الطبيب عن إسكاته.. وتجد المراجعين زحاما خارج العيادة ينتظرون الدخول.. وهذا الشخص يهذري داخل العيادة. ** تذهب إلى أي محل.. وتجد شخصا بعينه يتحدث مع كل الموجودين.. يحاور كل الناس.. حتى النساء يحاول محادثتهن.. ذلك أنه مهذار مكثار الكلام.. يريد الحديث مع أي أحد.. ويريد الكلام في كل شيء. ** تزور استراحة.. فتجد أحدهم لا يسكت أبداً.. يتحدث في كل فن.. ويعلق على كل حدث. ** لسانه لا يتوقف أبداً.. بل تجده يتنهد ويتنهد وأحياناً (يِشْرقْ) من كثرة الكلام.. ومع ذلك.. هو مستمر في هذره.. وإذا لم يجد من يتحدث معه.. التفت إلى شلة البلوت وصرخ (وَصْلَنا السرا). ** تذهب لزيارة أحد المرضى في المستشفى.. فتجد أحد الزوار لا يسكت.. يتحدث بشكل مستمر.. وقد تجد لوحة مكتوب عليها (ممنوع الكلام) بل إن بعض هؤلاء (المهذارين) يتحدث بصوت عالٍ جداً بحيث يسمعه كل مرضى المستشفى. ** ما أكثر زلات اللسان. ** وما أكثر سقطاته.. وما أكثر الكلام الذي يندم عليه الشخص المقل الكلام.. فما بالك بالمهذار كثير الكلام الذي لا يتوقف لسانه عن الحكي. ** العوام يقولون (من كثر هذره.. قلّ قدره) ولا شك أن كثرة الكلام يخل بالمروءة.. ويقول (لسانك حصانك). ** الناس عادة تحترم الإنسان (الصموت).. قليل الكلام.. حتى لو كان بسيطاً جاهلاً ولكن ما دام ساكتاً فهو محترم حتى يتحدث فيفصح عن المخبوء وينفضح أمره. ** ويقول العوام.. إذا تحدث أحد الجهلاء أو السفهاء.. يقولون: (يا زينه ساكت) أو (يا ليته سكت). ** ويقول المثل المشهور (الصمت حكمة وقليل فاعله) ويمدح الرجال عادة بالصمت.. بينما يعتبر كثرة الكلام عيباً في الرجال. ** أما النساء فقليل الساكتة منهن.. بحيث إذا اقتربت من مجلس فيه نساء.. فكأنك مررت بشجرة تين أو سدرة مملوءة بالعصافير وما أكثر (عصافير السدرة) في مجالسنا. ** والرجال عادة.. إذا أرادوا مدح الرجال قالوا.. رجل صامت.. قليل الكلام.. محمدة يمدح بها الرجال.. وهو أيضاً.. دليل على أن كثرة الكلام مسبة تنقص من قدر الرجال.