انتهى وسم الحج وعاد الحجاج إلى بلدانهم، ووصلوا بسلام إلى أهليهم يحملون أجمل الذكريات، وفي أذهانهم أغلى اللحظات، عندما يحدثك أحدهم عن حجته، ويصف لك سفرته المباركة، يعجز لسانه أن يعبر عن ما في خاطره، حيث تتسابق الجمل وتزدحم العبارات، نتيجة خدمات جليلة، وجهود جبارة، ونجاح باهر، وموسم ولا كل المواسم، فلا يملك هذا الحاج إلى أن يبادرك بدعوة خالصة، من قلبه صادقة لولاة أمرنا في هذه البلاد، الذين لم يألوا جهدا، ولم يدخروا وسيلة، في سبيل التيسير على ضيوف الرحمن، وتسهيل تأدية فريضة حجهم. فهنيئا لكم معشر المسلمين في كل مكان، هذه النعمة العظيمة، وتلك المنة الكريمة، بل وهذه الحكومة الراشدة، التي يعمل رجالها ليلا ونهارا، لتذليل الصعاب، وتيسير المشاق، وتوفير الراحة لضيوف الرحمن؛ ونبارك لقائد مسيرتها، خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، هذا التوفيق من الله جل جلاله سائلينه سبحانه أن يديم عليه توفيقه، وأن ييسر على كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها تأدية هذا الركن العظيم من أركان الإسلام. *** المغامر العاصي عاد من مكةالمكرمة، بعد أن طاف وسعى، ونحر ورمى، ووقف ودعا، فجلس بين أصحابه، يتحدث عن مغامراته في الحج، يتبجح بمخالفاته، ويفتخر بمعاصيه، لم ينقل لأصحابه تلك الخدمات الجليلة التي بذلت من أجل الحجاج، ولا تلك الأجواء المفعمة بالإيمان، إنما حديثه عن كيفية انتقاله، ودخوله مكة بدون تصريح للحج، وكيف كذب واحتال، وكيف استطاع أن يؤثر على مشاعر بعض الجنود، حتى وصل إلى تلك المشاعر المقدسة! إن هذا المغامر الجاهل بأوامر الشرع، المخالف لنصوص الكتاب والسنة، المتسبب في مضايقة المسلمين، المجاهر بالمعصية، المعلن لعدم الطاعة، لعلى خطر عظيم، يجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى، لأن التوبة واجبة على الفور كما قال العلماء، يتوب من عدم طاعته لولي أمره الواجبة عليه، ويتوب من الكذب الصريح والاحتيال الواضح، يتوب من مضايقته للمسلمين في رميهم وطوافهم وسعيهم، بل وفي مساكنهم وطرقاتهم. وليعلم بأنه لامتثاله أمر ولاة أمره، وتركه أمراً تحبه نفسه طاعة لربه، وإيثاره لغيره ليؤدي فريضة حجه، لأجراً عظيماً قد يكتب الله له أجر حاج وهو قاعد في بيته بين أطفاله، ومن ترك شيئا لله عوضه الله. * حائل