لطالما اعتزت كرة القدم الإسبانية بابتعادها عن فضائح التلاعب في نتائج المباريات كتلك التي ألقت بظلالها كثيراً على إيطاليا وغيرها من الدول الأوروبية الأخرى. فلم يتعرض أي لاعب مهم في إسبانيا للإيقاف بسبب مخالفة مشابهة على الإطلاق، وبالتأكيد لم يحكم على أحد اللاعبين بالسجن. كما لم يسبق لأي ناد أن تم إنزاله لدوري الدرجة الأدنى بسبب فضيحة تتعلّق بالتلاعب في النتائج. ومن وقت لآخر كانت تظهر بعض الشائعات والهمسات حول محاولة تقديم رشوة أو غير ذلك، ولكن لم يصل أي شيء بشكل فعلي أبداً إلى حد العلانية. ولكن كل هذا كان قبل الأسبوع الماضي. فقد هزّ مسابقة الدوري الإسباني في الأسبوع الماضي ادعاءان مختلفان حول وجود تلاعب في نتائج المباريات. وبدأت القصة يوم الاثنين الماضي، عندما صرح لاعب فريق تينيريفي السابق خيسولي (واسمه الكامل: خيسوس مورا نييتو) لصحيفة (إل موندو) اليومية الصادرة في العاصمة الإسبانية مدريد أنه وبقية زملائه بفريق الدرجة الثانية الإسباني تلقوا ستة آلاف يورو (7.6 ملايين دولار) لكل منهم لكي يخسروا آخر مباراة لهم بموسم 2007 - 2008 أمام ملقة الذي كان يحتاج من جانبه للفوز بالمباراة ليتأهل إلى دوري الدرجة الأولى. وقال خيسولي: (لست واثقاً من أنهم جميعاً (زملاءه بفريق تينيريفي) قد أخذوا المبلغ، ولكن إذا كان المال قد وصل إلي، فأعتقد أنه وصل إليهم أيضاً). وكان تينيريفي قد خسر مباراته الأخيرة بالموسم الماضي 1-2 وتأهل ملقة لدوري الأضواء على حساب ريال سوسيداد الذي يشتكى رئيسه إناكي باديولا منذ ذلك الوقت من حدوث أمر مريب. وادعى باديولا يوم الاثنين أيضاً أن (اعتراف) خيسولي يدعم حملته التي بدأها قبل ستة أشهر للتحقيق في مباراة ملقة مع تينيريفي. وأكد لاعبو تينيريفي من جانبهم أن ادعاءات خيسولي لا أساس لها من الصحة، الأمر الذي أكده كذلك رئيس ملقة فيرناندو سانز مدافع ريال مدريد السابق وابن رئيس النادي الملكي في تسعينات القرن الماضي لورينزو سانز. وخرج خيسولي في يوم الثلاثاء التالي، بعدما واجه تهديدات من تينيريفي وملقة باتخاذ إجراءات قانونية في حقه، ليعلن أن تصريحاته التي أدلى بها في اليوم السابق كانت (غير صحيحة). وبعد يوم آخر، الأربعاء، أرسل اتحاد الكرة الإسباني تصريحات خيسولي إلى النائب العام ولكن دون رفع أي توصيات رسمية من جانبه. وخرجت حلقة أخرى في مسلسل التلاعب في نتائج المباريات إلى النور يوم الأربعاء، ولكن هذه الحلقة أكثر خطورة من السابقة، حيث تشير إلى احتمال تورط رئيس اتحاد الكرة الإسباني نفسه أنجيل ماريا فيار. فقد أذاعت قناة (بوبيولار تي في) التليفزيونية تسجيلاً صوتياً لما يفترض أن يكون محادثة بين إناكي ديسكارجا قائد فريق ليفانتي ورئيس النادي آنذاك خوليو روميرو في اليوم التالي لهزيمة ليفانتي صفر - 2 على ملعب أتلتيك بلباو في اليوم الأخير من موسم 2006-2007، وهي النتيجة التي مكنت بلباو من تجنب أول هبوط للدرجة الثانية في تاريخه المجيد. وفي التسجيل الصوتي يقول ديسكارجا لروميرو: (إنهم جميعاً يريدون مكافآتهم الآن. أصبحنا في الجانب الآمن. وإذا شاهدت المباراة لن تعتقد بحدوث أي تلاعب فيها). ويرد روميرو في التسجيل نفسه قائلاً: (بصرف النظر عما سيقال لاحقاً، يجب أن نقول إننا لعبنا المباراة بهدف تحقيق الفوز). ثم يضيف رئيس ليفانتي السابق قائلاً (لقد تأكدنا من أن فيار يعرف الأمر في الاتحاد). ثم يشير روميرو بعدها إلى أن ليفانتي قد يتلقى بعض الخدمات من فيار بعد مساعدة ناديه القديم. ولعب فيار، رئيس اتحاد الكرة الإسباني منذ عام 1988 والذي أعيد انتخابه لفترة رئاسية جديدة دون مواجهة أي معارضة قبل أسبوعين فقط، لفريق أتلتيك بلباو فيما بين عامي 1971 و1981م. كما يشغل فيار منصب نائب رئيس الاتحادين الدولي والأوروبي لكرة القدم. وهبط ليفانتي بعدها لدوري الدرجة الثانية وظل اللاعبون وعلى رأسهم ديسكارجا كقائد لهم يشكون لأشهر طويلة من عدم تقاضي مستحقاتهم المالية من روميرو. وكان أكثر الفرق تضرراً من نتيجة مباراة أتلتيك بلباو وليفانتي هو سيلتا فيجو الذي هبط لدوري الدرجة الثانية برغم تغلبه على خيتافي في اليوم الأخير بالموسم. وكما هو متوقع فقد سارعت جميع الأطراف المتورطة في الأمر بما في ذلك فيار وبلباو وديسكارجا وروميرو بنفي صحة هذه الادعاءات تماماً، ولكن روميرو لم يكتف بمجرد النفي وإنما هدد باتخاذ إجراءات قانونية ضد قناة (بوبيولار).