* التسوق هو في المقام الأول متعة المرأة ,, وقد وجد أطباء نفسيون أن هناك داء اسمه داء التسوق حين تجد النساء أو فئة منهن أنفسهن يندفعن للشراء دون حاجة للكثير من السلع التي تبذل فيها النقود، أيضاً علماء النفس يجزمون بأن متعة التسوق واقتناء السلع الطريفة والجديدة تضفي سعادة عميقة في نفوس السيدات، ويعللون ذلك انه نوع من التعويض أي ربما تعرضن للحرمان في طفولتهن. في زياراتنا المتعددة للمنطقة الشرقية من المملكة وبالأخص الدمام ومدينة الخبر نجد مجمعات تسوقية رائعة, وكثير من أبناء دول الخليج الجارة يتعنون للمنطقة الشرقية فقط من أجل زيارة تلك الأسواق المعاصرة والجميلة, أتذكر قبل سنوات عندما تم افتتاح مجمع الشرقية النسائي ذهبنا نحن النساء جماعات لرؤية ذلك السوق الذي يخصنا نحن، والذي يحمل اسمنا واعتبرناه هدية رائعة متميزة وذكية, وقح حظي هذا المشروع بالاهتمام الكبير من المسؤولين والمواطنين بالمنطقة الشرقية, لقد قام مجموعة من رجال الأعمال السعوديين والمستثمرين الجادين في إنشاء ذلك المجمع الخاص جداً، رغم جدة الفكرة لم يكن هناك خوف من المغامرة، فقد لا تنجح ولا يأتي المردود المرجو, أذكر إنني قادني حسي الصحفي إلى البحث عن مسؤول أطرح عليه سؤالاً واحداً فقط,, لماذا؟ اي لماذا هذا التخصيص وخصوصاً أن غالبية النساء يذهبن للتسوق بصحبة رجل من العائلة الزوج، الأب، الأخ، أولاً للدفع وثانيا لقيادة السيارة والتوصيل. المهم كان المدير السيد وليد السعدون الذي كان متحمساً لهذا السوق ويعتقد بأنها فكرة فريدة بحيث تدار بكاملها من قبل كوادر نسائية مما يتيح فرص عمل للمرأة ضمن جو حريمي خالص, أيضا توفير مجموعة متكاملة من الخدمات سواء التجارية أو الثقافية والصحية وحتى المصرفية. بالنسبة للاسم الذي أطلق على المجمع أكد السيد السعدون ,, ان اسم الشرقية اختير للمجمع لكي يعطي بعداً جغرافياً لمكان المجمع فهو يقع في المنطقة الشرقية من المملكة المطلة على سواحل الخليج العربي الفاتنة . كذلك يمنح البعد الأنثوي بكونه مختصاً بالشرقية كامرأة لها خصوصيتها ورغباتها وبيئتها التي تتميز بها عن النساء في الثقافات الأخرى، أعجبني الأسم والهدف , ووجدت العديد من النساء يسعين للحصول على محال يدرنها ويمارسن التجارة المهتمة بالنساء والأطفال من ملابس ومنتجات من خلال ذلك المجمع الخاص بهن, على العموم حتى في الغرب وأوروبا في السنوات الأخيرة انتبهوا إلى متعة التسوق لدى النساء وعدم شعورهن بمرور الوقت حين التسوق مما يسبب الملل لأزواجهن وللرجال من الأهل المرافقين فاخترعوا أسواقاً خاصة بالنساء تضم حضانات للرجال الاسم مضحك بالطبع يذكرنا بحضانات الأطفال ولكن الفرق ان الرجال يستطيعون الجلوس في مقاه خاصة بهم أو مشاهدة التلفزيون أو اللعب بالكمبيوتر والإنترنت لحين انتهاء النساء من التسوق وهكذا. لقد كانت فكرة جديدة تماما وكان المهندس وليد السعدون المدير الفني والمسؤول عن السوق حينها متحمساً وسعيداً لهذه التطورات في المنطقة وسعيداً بالإقبال الكبير لتأجير المحال وإدارتها ولقد تقدمت العديد من الفتيات السعوديات للعمل في المشروع داخل السوق من حملة الثانوية العامة وشهادات الجامعة، وخصوصاً بعد أن علمن أن الشركة توفر المرتبات الجيدة والمواصلات وغير ذلك وأيضاً التعامل سيكون مع النساء فقط, لقد كان مجمع الشرقية النسائي فوق مجال المنافسة مع الأسواق التقليدية. ما يقود إلى هذا الحديث فتح مجالات السياحة في بلدنا، حيث ان المملكة تمتلك الكثير والعديد من أوجه الجذب السياحي، حتى كثبان الرمال تتماوج في وجه الرياح على امتداد أرضها المترامية كانت في القرون الماضية وحتى سنوات قريبة، تسحر قلوب المستشرقين، وتشكل الفتنة في وجدان الوافدين من مشارق الأرض ومغاربها إنه الغموض والتهاويم. حين يختلط عنفوان بكر الطبيعة مع ثورة الحضارة ويكون الناتج شيئاً غير مسبوق جديداً ومليئاً بالجاذبية، والجميع يعلم بالطبع أن مجالات التسوق أهم بنود وأوجه السياحة، وللنظر لأنفسنا حين نسافر لأي بلد غربي أوروبي أو شرقي أول ما تتجه بوصلة أنظارنا إلى محطات التسوق، لذلك يجب أن لا نتناسى ما للتسوق ومجمعات الأسواق من ضرورة حتمية لأبناء البلد الذين صاروا ينبذون الأسواق المكشوفة والمعرضة لتقلبات الطقس، وبدأت تجذبهم المجمعات المكيفة والمغلقة. إن المجمعات التسوقية ليست لعرض البضائع والسلع فقط بل تشمل وسائل اللعب والتسلية للصغار والفائدة الثقافية للكبار فهناك المكتبات وقاعات المحاضرات, وحتى دور السينما الصغيرة داخل المجمعات التسوقية تقدم أفلام الأطفال وندوات دينية وأفلاماً وثائقية عن مدن المملكة وجمال الطبيعة فيها، أو هكذا يفترض مستقبلاً. بالنسبة للمنطقة الشرقية ومنذ زمن بعيد حدث تفاعل بين مواطني ا لمنطقة وجنسيات بشرية عديدة، أيضا وجود شركة أرامكو وظهور النفط ساهم في نمو التعليم والثقافة، مما كان له انعكاسات على نمط الشراء والاستهلاك نسبياً مع ارتفاع مستوى المعيشة للفرد وأيضاً سفره للخارج جعله هناك تميزاً لدى المستهلك بحيث يطلب السلع ذات الجودة العالية، والماركات العالمية، إن المستهلك السعودي من الجنسين يتعب ويتجول كثيراً بين المحال التجارية فقط للحصول على ماركات او جودة معينة. لذا كان الاستثمار في المنطقة يتجه نحو خدمة هذا المستهلك الواعي والذي لا يرضيه إلا التميز ويكفي أن نشاهد مجمع الراشد في مدينة الخبر في المنطقة الشرقية، في الواقع هو بشهادة الجميع من ابناء المنطقة والزوار من دول الخليج، يعتبر معلماً حضارياً وصرحاً جميلاً، للمنطقة خصوصاً التنسيق المتكامل مع إدارته وجهات خدماتية عديدة، مثل الفنادق في المنطقة، وشركات تأجير السيارات،والمنشآت الأخرى ذات العلاقة بتقديم الخدمات للمستهلك ولمرتاد السوق، وللزوار الأجانب من السياح، أيضا الخصومات من تلك الجهات. منذ بدء افتتاح سوق الراشد لسنوات وحتى الآن لم يفقد بريقه وظل يستقطب قلوب وعيون الناس , وعندما كنا نزور الراشد كان المدير النشط عيد القحطاني يغمرك بحماس تنتقل عدواه لمرتاد السوق ويتملكه الفضول لرؤية كل تفصيلات المجمع المدهش والتعرف على كل ما يقدم من خدمة ممتازة وكان يقول إن التطور الحضاري طال كل المجالات بالمملكة مما خلق نمواً في ذوق الفرد السعودي فكان لابد من أن يصاحب ذلك تطور في اساليب البيع والشراء وتقديم الخدمات, والتي مرت تاريخيا من مجرد دكان صغير، إلى مجمعات ضخمة تضم نخبة من تجار الجملة والمفرق وتقديم الأفضل من كل منتجات العالم الأكثر جودة. إنهم تجار يحاولون توسيع نشاطاتهم لمواكبة احتياجات المستهلك، مهما تطور أو تعقد الأسلوب الشرائي لديه، فسابقاً كان البيع والشراء يطال الاحتياجات الأساسية فقط، ولكن بنمو الدخل وتأثير البيئة التجارية عليه، صار مؤثرا ومتأثراً مما يقع أمامه من سلع وبضائع متنوعة، وتفيض عن الاحتياجات إلى الكماليات. بل إن فيض الكماليات صار عالماً قائماً بذاته، ومن هذا المنطلق فإن فكرة إقامة مجمعات تسوقية ضخمة ومتعددة الأغراض، صار من ضرورات الوقت الحاضر وذلك لصالح المواطن والسائح وزائر المنطقة أيضاً يخلق مدى من التنافس لتقديم الأفضل مما يؤدي إلى زيادة حركة الاستثمار وتدوير رؤوس الأموال المحلية والوافدة، وتنشيط السياحة الداخلية في المملكة.