لقد اصطاد الهلال أربعة عصافير برمية بندقية الفوز على القادسية بأربعة أهداف مقابل هدفين في مباراتهما في الجولة الماضية من الدوري الممتاز على ملعب مدينة الأمير سعود بن جلوي الرياضية بالراكة. فلقد عاد الهلال بقوة إلى أجواء الدوري الممتاز، واستعاد لاعبوه ثقتهم ومقدرتهم في أنفسهم على حسم المواجهات التي يلعبونها عقب الخروج المرّ من الآسيوية والخسارة المفاجئة من نجران، وعاد المهاجم الفذّ ياسر القحطاني (القناص) إلى التهديف من جديد، ورابعاً كان الفوز العريض على القادسية مدخلاً مهماً وتحضيراً قوياً ورسالة تحذيرية قوية للاتفاقيين بأن المدّ الهلالي قادم نحوهم في منازلة ذهاب نصف النهائي لبطولة الأندية الخليجية مساء الثلاثاء المقبل في استاد الأمير محمد بن فهد بالدمام. أربعة أهداف من كل لون وصنف، كان للقناص ياسر نصيب الأسد بثلاثة أهداف جميعها جاءت في الشوط الثاني، ليحقق (أول هاتريك) له منذ أن ارتدى القميص الهلالي وفي شباك مَن.. في شباك فريقه السابق القادسية، الذي حرس مرماه صديقه الحارس المخضرم هاني العويض. لقد أعلن ياسر التحدي قبيل المباراة وكسب الرهان بثلاثية عكست مدى ما يتمتع به من حس تهديفي خطير وفي يوم إعلانه ضمن قائمة أشهر (55) لاعباً في العالم. مهارة ياسر وفن التائب من غير الطبيعي أن نسهب في الحديث عن مهارة ياسر وحسه التهديفي وأحقية الزعيم بالفوز العريض دون المرور على (مفتاح الفوز) أو (كلمة السر) في هذا الفوز الكبير، إنه (البرنس الليبي) طارق التائب، الذي إن هو حضر حضر الهلال بعافيته وعنفوانه، وإن هو تحرك انتفض ياسر والشلهوب ومعهما الصويلح، وإن هو مرّر سجل ياسر والصويلح. وهذا ما حدث بالفعل، فالهدف الأول للهلال جاء من تمريرة ذكية للبرنس طارق بكرة ماكرة وساقطة خلف المدافعين، وكان هدف ياسر (السينمائي) الثالث في شباك القادسية قصة محبوكة فنياً بطريقة على طريقة مخرجي السينما، أعيدوا شريط الهدف وتذكروا كيف مرّر طارق لياسر الكرة ب(الكعب) من كرة خلفية ولا أروع لا تتكرر كثيراً في الملاعب العربية، لكنها تعدّ سمة من سمات السحر الكروي في الملاعب الأوروبية. ياسر بمهارته لم يكذب خبراً، تجاوز كتيبة مدافعي القادسية برشاقة و(كنترول) دقيق وكأن الكرة مربوطة بقدميه، ليسدد ويزرع بصمته في شباك القادسية وفي ملعب الراكة، ويزرع الدهشة في عيون محبي كرة القدم السعودية قبل أنصار الهلال ومحبيه إعجاباً بروعة هذا الهدف. جمهور الهلال (الحي.. يحييك) هم كذلك دائماً، في حلهم وترحالهم، جمهور لا يقبل القسمة على اثنين، إما الفوز والمتعة وإما الانتقاد الحاد؛ لأن مصلحة ناديهم فوق كل اعتبار. أعاد جمهور الهلال العريض بحضوره المدهش في مدرجات ملعب الراكة الحياة لهذا الملعب (الكئيب) بإضاءته وبُعد موقعه وسوء الطريق الموصل إليه!. أجزم لو أن للمدرجات لساناً يحكي لقالت بصوت واحد للجمهور الهلالي: من زمان أنت وينك. ولكي ننصف هذا الجمهور العبقري نؤكد أن أهازيجه وتشجيعه للاعبي فريقه لم يتوقفا بعد (هدف الصدمة) المبكر والمباغت للقادسية عن طريق نجمه الشاب محمد السهلاوي، بل كان خير معين للمدرب الروماني كوزمين في إرجاع لاعبيه للمباراة. مع الجماهير الهلالية من الواجب أن (نخلي الصورة تحكي) فهي أبلغ حديثاً من الكلام. تابعت خروج حافلة لاعبي الهلال من مواقف المدينة الرياضية بالراكة لأجد الجمهور واقفاً يتابع.. يصفق.. يهتف لنجوم فريقه وكأن مهمته لم تنتهِ مع إطلاق الحكم صافرة النهاية، لقد عملوا (زفة عريس) للحافلة، ولم يبرحوا أماكنهم على جوانب الطريق السريع إلا بعد أن أكلت الطريق الحافلة وغابت عن الأبصار في طريقها لفندق مريديان الخبر. الجمهور الهلالي دائماً هو الرقم الصعب في انتصارات وبطولات الزعيم. نجوم تألقت وأخرى غابت في ليلة (رؤية الهلال) إن جاز التعبير، على اعتبار أن الهلال قد عاد بقوة للدوري من خلال بوابة القادسية، فرآه أنصاره كما عهدوه قوياً منيراً وساطعاً، في تلك الليلة قدم طارق التائب وياسر القحطاني وأحمد الصويلح كنجوم شباك بتألقهم وأهدافهم وبراعتهم وقيادتهم لفريقهم إلى الفوز. لكن يجب أن لا نبخس (ترمومتر الهلال) عمر الغامدي أو الشلهوب الموهوب حقه من الإشادة، وكذلك الحال مع المدافع فهد المفرج الذي قدَّم مباراة كبيرة جبر فيها عثرات البرازيلي تفاريس كثيراً. في المقابل فإن تفاريس كان بعيداً عن مستواه وارتكب أخطاء في التغطية والتمرير كادت تعصف بفريقه، بينما ما زال ياسر إلياس يراوح مكانه، ولعلنا نجد العذر له؛ فهو لم يشارك منذ فترة طويلة، وتباين عطاء العملاق محمد الدعيع خلال فترات المباراة. أما نواف التمياط (الفتى الذهبي) فلم يكن في مستواه المعهود، وقد يكون ذلك لغيابه وعودته حديثاً من الإصابة، والأهم أنه لعب في غير مركزه في الجهة اليسرى التي تتطلب مجهوداً أكبر، وهذا لا يتماشى مع عودته الحديثة من الإصابة وكبر سنه. رسالة تحذيرية لا شك أن الفوز العريض للهلال على القادسية برباعية كانت قابلة للزيادة يعد رسالة تحذيرية قوية من الكتيبة الزرقاء لكتيبة الكوماندوز الاتفاقية قبيل مواجهتيهما المرتقبة في ذهاب نصف النهائي لبطولة الأندية الخليجية. فالأربعة تؤكد جاهزية وقوة تحضير الهلال للمواجهة الخليجية التي ستزداد قوة مع عودة النجم خالد عزيز للمشاركة في وسط الميدان. اللون الأبيض ظهر الهلال لأول مرة بالقميص الأبيض بعد قرار الشركة الراعية (موبايلي) استبدال القميص ذي اللون الأزرق المعتاد، ولم تُعرف بعدُ دوافع هذا التغيير الذي قد يأتي ربما تمشياً مع لون شعار الشركة ذاتها. لكن بعض الجماهير الهلالية لم تهضم هذا الظهور الجديد وترى ضرورة العودة للون الأزرق المعتاد. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يستمر اللون الأبيض (على طول) هو اللون السائد على القميص الهلالي في المباريات المقبلة أم يعود اللاعبون لارتداء شعارهم الأزرق؟! خلاصة القول: لقد ثبت رؤية الهلال قمراً ساطعاً في الراكة لينير وهجه في سماء الدوري الممتاز من جديد بفضل وقفة جماهيره الوفية الذواقة.