تحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظها الله - على تأمين مختلف احتياجات المواطنين الاقتصادية، ومن مظاهر هذا الاهتمام ما وجه به خادم الحرمين بزيادة المعاش التقاعدي للموظف المتقاعد بواقع 15% ولورثته من بعده، مما يؤكد أيضاً اهتمام القيادة بتلك الفئة الغالية من المواطنين التي لم تقصر في خدمة الدولة على امتداد عددٍ من العقود الزمنية. إلا أن اللوائح التي سنتها المؤسسة العامة للتقاعد منذ عشرات السنوات ولا يزال العمل بها جارياً حتى الآن تتضمن العديد من النصوص والمواد غير المنصفة بحق المتقاعدين، فتلك اللوائح لا تراعي المستجدات الاقتصادية من تضخم في الأسعار وغيره وبالتالي فقد جاءت قاسية على الموظف المتقاعد وعلى ورثته من بعده. ولو رأينا ما هو مطبق من أنظمة تقاعدية في العديد من الدول الخليجية المجاورة، وتحديداً ما هو معمول به في دولة الكويت، لأدركنا بأن تلك اللوائح قد شهدت العديد من التعديلات الجذرية التي أخذت مصلحة المواطن الكويتي في الاعتبار واحتياجاته الاقتصادية وبالنظر إلى الراتب التقاعدي الذي يُصرف لورثة الموظف المتوفى (أبناء - بنات - زوجة) لأدركنا أنه في حالة حصول أحد الورثة على وظيفة أو زواج الابنة أو الزوجة، فإنه يتم إعادة تقسيم الراتب التقاعدي كاملاً على الورثة. كذلك فإنه في حالة طلاق أو ترمل أو فصل أحد الورثة من الوظيفة فإنه يعاد توزيع قسمة الراتب التقاعدي كاملاً لهم وفقاً لذلك، بل إن الأمر قد تعدى ذلك بكثير حيث إنه في حالة إحالة أي من الورثة للتقاعد المبكر فإنه يحق له الحصول على نصيبه من راتب مورثه التقاعدي. كما يحق له رفضه بموجب موافقة خطية منه، وبالتالي يتم إعادة تقسيم كامل الراتب التقاعدي على بقية الورثة الآخرين. أما في المملكة، فإننا نلاحظ أن مسؤولي المؤسسة العامة للتقاعد تكون لهم تصريحات في الصحف بين الحين والآخر تؤكد أن المعاش التقاعدي ليس إرثاً لمورثهم، وهذا في ظني مفهوم غير صحيح، حيث إن المعاش التقاعدي الذي تم استقطاعه مع حصة المناظرة المدفوعة من الدولة خلال أربعين عاماً لو كانت في أحد صناديق التقاعد مع أحد البنوك لشملهم تأميناً صحياً على الحياة ولبقي المبلغ التقاعدي لورثته كاملاً دون تقسيم أو حسم بل بفوائد، والملاحظ هنا أن المؤسسة العامة للتقاعد لدينا تحرص على أن يتم إيقاف المعاش التقاعدي عن الورثة بأسرع مدة زمنية مع وضع العراقيل لأبناء المتوفى حيث يُعتقد أنهم وصلونا من كوكب آخر وليسوا أبناء لهذا الوطن وتركهم أعباء معطلين ومكلفين على الدولة بسبب عدم إكمالهم تعليمهم وبقائهم عاطلين عن العمل حيث لا يتوفر لديهم مؤهل تعليمي أو حرفة يعملون بها نظراً لأن معاش والدهم التقاعدي كان يكفيهم لمواصلة تعليمهم وتثقيفهم وجعلهم مواطنين صالحين نافعين لبلدهم. الملاحظة الأخرى تتمثل في تلك البيروقراطية غير المبررة التي تسلكها المؤسسة من خلال تلك المطالبات الطائلة من الصكوك والوثائق التي يتم تجديدها سنوياً عن عائلة المتوفى مما يمثل إثقالاً عليهم. فالمؤسسة تفرض وكشرط أساس لاستمرار صرف الراتب التقاعدي أن يتم تزويدها بتلك الوثائق سنوياً للتأكد من عدم زواج أو عمل أو وفاة أحد أفراد أسرة المتوفى، وذلك حرصاً من المؤسسة على تخفيض الراتب التقاعدي. أما لو رأينا ما هو متبع في غالبية الدول ومنها الكويت لأدركنا بأن التحري عن كافة المستجدات التي تتعرض لها أسرة المتوفى من زواج أو عمل أو وفاة إنما يتم آلياً من واقع حركة السجل المدني لكل فرد من الورثة. مجرد تساؤل القصد من العلاوة السنوية التي تُمنح للموظف هو مساعدته على قضاء حوائجه الاقتصادية في ظل ارتفاع معدلات التضخم وغلاء الأسعار المستمر، والسؤال هنا لماذا لا يُصرف للموظف المتقاعد علاوة سنوية، خصوصاً أنه سيكون أكثر احتياجاً لها وذلك في ضوء الأعباء الأسرية والاجتماعية والظروف الصحية التي قد يتعرض لها خلال تلك المرحلة العمرية من حياته. [email protected]