يقول المفكر الإسلامي الدكتور عبدالكريم بكار في كتابه نحو فهم جديد للواقع (مشكلتنا الأساسية ليست في المستحيل الذي نتمناه، ولكن مع الممكن الذي ضيعناه) وذلك في ثنايا حديث عن أزمة الأهداف في التخطيط الدعوي، ورغبت أن يكون ذلك مدخلاً لواقع التعليم في العالم الإسلامي، وما يكتنف ذلك الجانب من قصور حدا بالأمة أن تتبوأ مراكز متأخرة بين دول العالم في مسايرة التقنية المعلوماتية المعاصرة، ذلك التعليم الذي جعل أفراد المجتمع مستهلكين لا منتجين، تسود حياتهم فوضى عارمة - إلا من رحم الله - لا تخطيط ولا أهداف، ولا رؤيا مستقبلية واضحة، بل إن بعضهم فقد الأمل في أن يقتات، ويفكر في مستقبله من ناحية واحدة فقط، وهي كيف يأكل ويشرب ويسكن ويلبس، حال التعليم التقليدي الذي تعيشه كثير من البلدان الإسلامية يوحي بنمطية قادمة لا جديد فيها، ليس لأننا لا نشعر بالتقدم من حولنا ولكن لأننا افتقدنا للمؤثرين الذين يمتلكون الجرأة في التغيير. سيستمر هذا الحال في عالمنا الإسلامي ما دامت الحساسية المفرطة عند الحديث عن المناهج والحوار والتجديد والإصلاح التربوي، إن معيار تقدم الأمم مقترن باهتمامها المباشر بإصلاح التعليم، فلن تتقدم الأمة الإسلامية ومدارسها مبانٍ غير مهيأة للتعليم، إمكانات ضعيفة، بيئة غير مناسبة تربوياً، ليس لديهم هم التغيير الإيجابي وتطوير أنفسهم، تنقصهم دافعية التدريب، بل إن بعضهم لا يستطيع التعامل مع التقنية الحديثة، فضلاً عن تقديم الأبحاث والدراسات المتخصصة، لن تتقدم ما دام المعلم يمتلك نفس المخزون الثقافي منذ تخرجه من المرحلة الجامعية، لن تتقدم ما دامت العلاقة بين الأسرة والمدرسة علاقة فاترة تقوم على الجهود الفردية، أهدافنا بحاجة إلى إعادة صياغة، ومناهجنا بحاجة إلى تطوير ومعلمونا بحاجة إلى تدريب ومدارسنا بحاجة إلى تأهيل، حاجات كثيرة والتقدم نحو الإيفاء بها لا يوازي أهميتها المستقبلية. الرغبة في التقدم ثقافة تعي أن التعليم الجيد أساس التقدم السياسي والاقتصادي والتكنولوجي. تعليمنا كأمة إسلامية لم يحفظ لنا هويتنا، ولم يربِ فينا القيم الإسلامية النبيلة من عمارة للأرض وتفعيل لقيم التعايش والإنجاز والطموح، بل إنه لم يضعنا في المكانة المرموقة بين الأمم المتقدمة تقنياً، لا هذا ولا ذاك، فماذا ننتظر، إنَّ علينا في مطلع هذا القرن أن نراجع تجارب غيرنا ونوائمها بما يتوافق مع قيمنا الإسلامية. ليس هناك من عوائق تضعنا في دائرة المستحيل، ديننا يحثنا على السعي قُدماً في عمارة الأرض كأحد أبرز أهداف التربية، إمكاناتنا الاقتصادية جيدة، نمتلك إمكانات بشرية كبيرة تعيش في ريعان الشباب، ما ينقصنا فقط هو الجرأة في اتخاذ القرار نحو تربية إسلامية عالمية. (*) عضو الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية والمشرف على وحدة الرعاية التربوية والنفسية والاجتماعية بمركز الموهوبين بالطائف