** قد تدرك نسبةٌ من الجماهير المحشودة في ساحتي (الشهداء) و(رياض الصلح) ببيروت طوعاً أو ارتزاقاً المدلولات السياسية والأيديولوجية خلف وجودهم؛ فيما تردد البقية شعارات تسمعها دون أن تدرك - بالضرورة - أبعادها، ولو ناقشت معظمهم لما وجدت أكثر من كلمات مكرورة لا تصمد أمام الحوار المقترن بالحقائق..! ** وفي الرياضة ينساق المشجعون وراء عواطفهم فيؤيدون ويعاندون، ويرضون ويرفضون استجابة لميولهم، وقلة من يقرءون المباريات وفقاً لقوانين الكرة، وأقل منهم من يكتب تحليله تمشياً مع المنهج الموضوعي المعتمد على الموازين العادلة سواء أكانت مع فريقه أم ضدها، مما يزيد في انفعال الجماهير ويضاعف صخبها وربما شغبها..! ** وابتليت (الثقافة) بتأليب العامة على بعض الخاصة؛ فانتشرت في الساحة حساسية مصطلحات وأشخاص لا يعرفونها ولم يقرءوهم، وأصبحت (الجماهير) - شبهُ الأميّة فكرياً - نقطة تجاذب يُلوّح بها طرفٌ ضد طرف، وربما وظّفها حضوراً، أو ناب عنها قلماً كي يخيف بها من يتطلعُ إلى ضوءٍ في آخر النفق..! ** الجماهير وقود لبعضِ المؤدلجين، ولعبة لبعض السياسيين والرياضيين، وربما اشتعل الوقود فأحرق صاحبه، وربما تبدلت شروط اللعبة فانقلب السحر على الساحر..! ** كان من رأي (ليون تروتسكي 1879-1940م) أن نشاط الجماهير إذا لم يستخدم في اللحظة المناسبة أو جرى استخدامه بشكل خاطئ فإنه يؤدي إلى نتيجة عكسية وينتهي بمرحلة انحدار لا نهوضَ منها إلا بوسائط مكلفةٍ قد يكون منها العنف..!