حقق المؤشر العام لسوق الأسهم السعودي(TASI) في نهاية عام 2005م ارتفاعاً قياسياً بنسبة 103% وزاد مؤشر القطاع الزراعي بنسبة أعلى من زيادة مؤشر السوق، فهل كانت هذه الزيادة تعكس حقيقة معدلات النمو الفعلي لنشاط الشركات الزراعية حيث كان هذا القطاع منزوياً ردحاً من الزمن عاكساً لواقعه ونتائجه ولكن خلال السنوات الأربع الأخيرة أصبح حجر الزاوية لعمليات المضاربة السعرية في السوق فهل من مستجدات حدثت لهذا القطاع خلال هذه السنوات الأربع , الواقع أن ثمة الكثير من أولويات الفهم والتأمل أما الآن ونحن نعيش تبعاته فإن الوضع يحتم علينا التعاطي بشكل واقعي وموضوعي يكون صوت العقل فيه طاغياً على أحلام اليقظة، ولعل ما يدعوني اليوم لتحليل إحدى شركات هذا القطاع وهي شركة القصيم الزراعية أنها كانت ثالث أكبر شركه نشطة في السوق ككل من حيث عدد الصفقات والتى بلغت 2130306 صفقة في عام 2005م فسنستعرض قوائمها المالية لعام 2005م كاملا والتسعة أشهر الأولى من العام الحالي وأكرر دائما أن هذا التحليل ليس دعوة للبيع أو الشراء وليس للمدح أو القدح بل قراءة محاسبية موضوعية لأهم البنود الرئيسية في هذه القوائم. معلومات الشركة شركة القصيم الزراعية (جاكو) شركه مساهمة سعودية برأسمال مصرح قدره 500 مليون ريال مدفوع بالكامل ويبلغ عدد الأسهم المصدرة 50 مليون سهم بقيمة اسمية 10 ريالات للسهم ويتمثل نشاط الشركة الرئيسي في المجال الزراعي بنوعيه النباتي والحيواني من إنتاج المحاصيل الزراعية والتمور والإنتاج الحيواني وتدار من مجلس إدارة مكون من ستة أعضاء ويقع المركز الرئيسي للشركة في مدينة بريدة وتبدأ السنة المالية للشركة من أول شهر يناير وتنتهي بنهاية شهر ديسمبر, وباستعراض قوائم الشركة المالية عن السنة المنتهية في31-12-2005م فإننا سنتناول البنود ذات الأثر الكبير في الأداء وهما بندان رئيسيان من قائمة المركز المالي: الأصول المتداولة وحقوق الملاك، وبندان آخران من قائمة الدخل هما المبيعات والأرباح بالإضافه إلى تحليل النسب المالية. بيانات عام 2005م الأصول المتداولة لعل أول ما يسترعي الانتباه في الأصول المتداولة هو بند الاستثمارات قصيرة الأجل (بند مرابحات أسهم وصناديق الاستثمار كما سمي في القائمة) والذي شكل نسبة 67% من إجمالي الأصول المتداولة بقيمة 248 مليون ريال نهاية 2005م حيث كان رصيد هذا البند نهاية 2004م صفر, كما انخفض رصيد النقدية من203 مليون ريال نهاية 2004م الى 11 مليون ريال نهاية 2005م وبربط بندي الاستثمارات والنقدية عبر السنتين نستنتج ان الشركة وجهت سيولتها إلى الاستثمار في سوق الأسهم، حيث يقسم رصيد الاستثمارات البالغ 248 مليون ريال إلى جزءين أحدهما محفظة استثمارية بمبلغ 188 مليون ريال والآخر صندوق أسهم بمبلغ 59 مليون ريال ويجدر التنبيه أن جزءاً من هذه الاستثمارات مرهون مقابل خطابات ضمان مصدره بمبلغ 59 مليون ريال لصالح كل من شركة الكيان للبتروكيماويات بمبلغ 37.5 مليون ريال وشركة الخريف بمبلغ 21.5 مليون ريال. (جدول رقم 1). حقوق الملكية تتكون حقوق المساهمين من رأسمال الشركة البالغ 499 مليون ريال بالاضافة إلى هبات تبلغ 58 مليون ريال وأرباح غير محققة بلغت347 ألف ريال وأبرز البنود وهو الخسائر المبقاة الذي تشكل قيمته نقصاً في رأس المال حيث تقلصت الخسائر من 165 مليون ريال إلى 94 مليون ريال بتراجع نسبته 43% نتيجة تحقيق الشركة أرباحاً كبيرة من استثماراتها في سوق الأسهم، وأنوه بأنه صدرت في شهر نوفمبر عام 2003م الموافقة الرسمية من وزارة التجارة على تخفيض رأسمال الشركة إلى النصف وذلك بغرض إطفاء الخسائر المتراكمة وهذا الأسلوب تلجأ إليه الشركات التي تآكل رأسمالها بسبب الخسائر التي تتعرض لها. (جدول رقم 2). المبيعات ان المبيعات وتكلفة المبيعات وردت في قوائم الشركة الختامية تحت اسم الإيرادات وتكلفة الإيرادات وفي مقامنا هذا لن نتوقف عند المصطلحات المحاسبية واختلافات عرض القوائم، وعموماً فإن المبيعات ارتفعت من 31 مليون ريال في نهاية 2004م إلى 37 مليون ريال نهاية 2005م بزيادة نسبتها 20% فيما ارتفعت تكلفة المبيعات بنسبة أعلى من معدل نمو المبيعات حيث بلغت تكلفة المبيعات 25 مليون ريال نهاية 2004م لترتفع إلى 32 مليون ريال نهاية 2005م بزيادة نسبتها 28% وأنبه إلى مدلولات النسب والأرقام واتجاهاتها الموجبة والسالبة حيث ان نمو المبيعات يقابله طردياً نمو في تكلفتها ولكن بنسبة أقل حتى يتحقق هامش الربح إلا أن ما نشاهد الآن هو زيادة في المبيعات بنسبة 20% وزيادة في تكلفة المبيعات بنسبة 28% مما سيؤدي منطقياً إلى تراجع مجمل الربح وسيؤثر في دخل النشاط وهذا مما يستدعي التنبه له. (جدول رقم 3). الدخل بلغ صافي الدخل بعد حسم الزكاة 71 مليون ريال فيما كان العام السابق 3 ملايين ريال بمعدل زيادة بلغ 2323% ويجب التنبه إلى ان هذه الزيادة القياسية في الربحية لم تأت من النشاط الرئيسي للشركة بل من زيادة الإيرادات غير التشغيلية (الأخرى) من الاستثمارات في الأسهم والصناديق التي بلغت 77 مليون ريال وشكلت ما نسبته 99% من صافي دخل القصيم الزراعية وبزيادة عن العام السابق نسبتها 27189% حيث كان رصيدها نهاية 2004م مبلغ 282 ألف ريال وعلى الجانب الآخر تراجع دخل النشاط بمعدل أربعة اضعاف من 2.4 مليون ريال العام السابق إلى 631 ألف ريال نهاية 2005م ونعيد صياغة ذلك بالنسب لنقول ان الدخل التشغيلي تراجع بشكل كبير ومساهما في صافي دخل الشركة بنسبة اقل من 1% من إجمالي صافي الدخل وارتفعت الإيرادات الغير تشغيلية (أرباح أسهم وصناديق) بنسبة أكبر جدا من العام السابق ومساهمتا في دخل الشركة بنسبة 99% من إجمالي صافي الدخل ومن هنا نعرف مصادر الأرباح , وعلينا ان ندرك أن معدل المخاطرة يرتفع في الشركات التي لاتحقق (أو) يتراجع دخلها التشغيلي من جهة وتزيد إيراداتها الأخرى من الانشطه غير الشغيليه من جهة أخرى لانها تعطي انطباعات غير حقيقة عن معدلات النمو والربحية. (جدول رقم 4، 5). تحليل النسب المالية تحليل النسب المالية يعد من أهم التحليلات التي تبنى عليها القرارات حيث يعطي مؤشرات تقييمية عن الواقع الاقتصادي والمالي للمنشأة وتنبؤاً بمستقبلها، فيمكن مقارنة أداء الشركة بالسنوات السابقة أو بشركات أخرى في نفس النشاط أو بمتوسط الصناعة وسنستخدم في هذا التحليل أهم النسب المالية حيث يتضح تحسن مكرر الربح وعائد السهم والعائد على الأصول والعائد على حقوق الملاك بشكل لافت للانتباه معطية انطباعاً جيداً.. لو كانت أرباح الشركة من نشاطها الرئيسي، ولكن نتيجة تحقيق (طفرة) مكاسب من المتاجرة بالأسهم التي شكلت ما نسبته 99% من صافي دخل الشركة والمرتفع بسبها بنسبة 2323% عن العام السابق فإن هذه النسب قد تكون غير عادلة في التقييم والتنبؤ المستقبلي. (جدول رقم 6). تطورات 2006م في بداية هذا العام وتحديداً في 23 من يناير أصدرت هيئة السوق المالية قراراً مهماً فهمه من فهمه وأعرض عنه الكثير يقضي بتنظيم تملك الشركات المساهمة لأسهم الشركات الأخرى المدرجة في السوق وذلك لتطويق المخاطر العالية جدا والناشئة من تملك الشركات المدرجة لأسهم شركات أخرى مدرجة في نفس السوق الأمر الذي امتد آثره لعدد كبير من الشركات التي اعتمدت في ربحيتها على الأنشطة غير التشغيلية وتحديدا الاستثمار والمضاربة في الأسهم والصناديق وباستعراض أهم بنود القوائم المالية للربع الثالث من العام الحالي لشركة القصيم الزراعية نرى: الخسائر بدأت آثار انهيار السوق وقرار الهيئة الذي أشرنا له ينعكس على الأداء والنتائج فقد بلغت خسائر القصيم الزراعية 39 مليون ريال للأشهر التسعة الأولى من هذا العام مقابل ربح 56 مليون ريال للفترة المماثلة من العام السابق وبتراجع قياسي يبلغ 95 مليون ريال وبنسبة 170% ناتجة من خسائر استثمارات الأسهم والصناديق التي وصلت خسائرها إلى 44 مليون ريال مقارنة بربح 61 مليون ريال للفترة المماثلة من العام السابق وبنسبة مقاربة للنسبة السابقة وزاد الدخل من النشاط التشغيلي إلى 4 ملايين ريال مقابل خسارة 3 ملايين ريال للفترة المماثلة من العام السابق والناتجة من انخفاض تكلفة المبيعات، أما المبيعات فلم تحقق أي نمو بل تراجعت بنسبة 3%, وعلى صعيد حقوق الملكية زادت الخسائر المبقاة بنسبة 24% من 108 ملايين ريال إلى 134 مليون ريال. (جدول رقم 7). الأصول المتداولة انخفض بند الاستثمارات قصيرة الأجل في الأسهم والصناديق بنسبة 140% من 209 مليون ريال في الربع الثالث من 2005م ليبلغ 87 مليون ريال نهاية الربع الثالث من العام الحالي مشكلاً ما نسبته 35% من إجمالي قيمة الأصول المتداولة علماً بأنه كان يشكل ما نسبته 56% من إجمالي قيمة الأصول المتداولة في نهاية الربع الثالث لعام 2005م وتراجعت قيمة الأصول المتداولة بنسبة 33% من 368 مليون ريال إلى 244 مليون ريال هذا العام. (جدول رقم 8). هيكلة رأس المال نظراً للخسائر الكبيرة والمتراكمة منذ سنوات طويلة التي منيت بها القصيم الزراعية واستغرقت شطر رأس المال أعلنت الشركة في شهر نوفمبر 2003م عن صدور موافقة وزير التجارة على تخفيض رأس المال إلى النصف وهذا الأسلوب تلجأ إليه الشركات التي تأكل رأسماله كما أسلفنا بسبب الخسائر التي تتعرض لها. وعموما أشير إلى أن رفع رأس المال أو تخفيضه كان يتم سابقاً بإرسال خطاب إلى وزارة التجارة أما الآن فقد أسندت المهمة إلى هيئة السوق المالية والتي أعلنت في منتصف 2005 عن معايير تضبط هذه العملية منها أسباب الزيادة أو التخفيض, واستخدام حصيلة الإصدار, ومدى التزام الشركة بمعايير الإفصاح والشفافية, ونسبة الزيادة في رأس المال, والزيادات السابقة وتحليل التدفقات النقدية, والنسب المالية, والأداء المالي التاريخي للشركة, وربح السهم. (*) عضو الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين وعضو الجمعية السعودية للمحاسبة