عند فجر يوم الأربعاء الموافق 10 شوال 1427ه رنّ تلفون المنزل ليصلني الخبر المحزن والفاجعة الأليمة فقد توفي الأخ والصديق العزيز (صالح بن عبدالله المهيني) الذي عرفته منذ (35) عاما حينما اقترنت بشقيقة زوجته وعرفت فيه طوال هذه السنين الطيبة والخلق الكريم والصدق مع الله ومع الناس وسعة الصدر والتأني وعدم التسرع في جميع شؤون الحياة، لا يحب النفاق ولا يكره أحداً، تراه دائماً بشوشاً مبتسماً وبيته مفتوح في كل وقت للزائرين والقاصدين من الأقارب والأصدقاء - وإنني وأنا أكتب هذه الكلمة المتواضعة والقصيرة عن ذلك الراحل العزيز يغمرني الألم والمرارة من قسوة الصدمة وأثرها في نفسي حزناً وألماً على رحيله، ولعله مما يخفف على الإنسان الحزين أن يتحدث عن ذكرياته عن الشخص العزيز الذي فقده ولكن المجال هنا لا يسمح بأن أقول وأسجل كل ما عرفته وخبرته عنه - يرحمه الله- لأن له في كل جزء من الذاكرة ذكرى لطيفة وجميلة، وله في قلبي من المشاعر الصادقة والمودة الأخوية الكثير والكثير، ودعته في آخر لقاء عندما زرته لتهنئته بعيد الفطر المبارك ولكنه كان لقاءً لا يشبه أي لقاء آخر، فكل اجتماع في دنيانا إلى افتراق، ولم أعلم أنه الوداع الأخير الذي لا لقاء بعده، بعد صحبة طويلة وعلاقة أخوية تسودها المودة والاحترام والثقة الصادقة. لقد بكاه أولاده ومحبوه وحزنوا على فراقه وإنا منهم وكيف لا نبكي -أبا ناصر- وكيف لا نحزن ونتألم لفراقه، ولكن مع هذا كله لابد أن نتقبل إرادة الله عز وجل في خشوع واستسلام، ولابد أن نؤمن بأن للحياة جانبين، جانب فرح وحزن، وجانب راحة وألم، ولعلّ عزاءنا أن ندرك أن الموت نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة تماماً كما يطوي المرء صفحة الكتاب ليبدأ في قراءة فصل جديد، والمؤمن يستمد من إيمانه القوة على مواجهة الحياة والموت وينظر إلى الرحيل من الدنيا على أنه بداية الرحلة إلى حياة جديدة وأنه المصير الطبيعي لكل كائن ذي حياة - كما قال سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، وكما قال سبحانه:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} صدق الله العظيم. أستودعك الله (أبا ناصر) وأدعوه سبحانه أن يتغمد روحك بالسكينة وبواسع رحمته ورضوانه وأن يغفر لك سيئاتك وأن يجعل مثواك جنات النعيم. كما أسأله سبحانه أن يلهم أهلك وأولادك ومحبيك الصبر والعزاء الحسن إنه سميع مجيب.