الحديث عن بر الوالدين حديث لا يمل، وله في القلب مكانة رفيعة، كيف لا!!! وهو حديث عن باب عظيم من أبواب الجنة، وقربة من أعظم القربات إلى الله، ألا وهو بر الوالدين. وحديث البر حديث مليء بالقصص الرائعة، والحكايات ذات العبر والدلالات، فإن بر الوالدين ينبئ بأن صاحبه ممن أراد الله تعالى به الخير، وسعادة الدارين. كلما قرأت عن بر الوالدين انفرجت اساريري، وارتاح صدري، وتمنيت أن يجعلنا الله من أهل البر والإحسان إلى الوالدين حتى ننال الفوز والفلاح والسعادة في الدارين. أذكر للقراء موقفاً حدث معي قبل فترة بسيطة، وذلك قبيل شهر شعبان الماضي لعام 1427ه حيث سافرت لمدة ثلاثة أيام لم أتمكن خلالها من الاتصال بوالدتي أو زيارتها، وذلك على غير عادتي معها - حفظها الله - وكان برنامجي في اليوم الرابع عبارة عن تقديم حلقة من برنامج (معكم على الهواء في إذاعة القرآن الكريم) كما أخبرني الزملاء بعد وصولي من السفر.. اتصلت بوالدتي هاتفياً للاطمئنان عليها لكني سمعت صوتها تخنقه العبارات قائلة: الحمد لله على سلامتك يا أبا خالد، يا وليدي ما سمعت صوتك منذ ثلاثة أيام، الله يحفظك ويسددك. عرفت أن في نفسها شيئا من العتاب لعدم اتصالي بها. دار هذا الحوار بيني وبينها وأنا في سيارتي متوجها إلى الاستوديو، فانتابني حالة بكاء شديد، توقفت بسيارتي وعدت إلى بيتها، فوجدتها في مصلاها في جو روحاني، سلمت عليها، قبلت رأسها ويدها، ونزلت إلى رجلها لأقبلها قائلاً: والله ما حصل كان خارجا عن ارادتي، أرجو منك السماح، رفعت يديها تدعو لي بالتوفيق والهداية والسداد (الله يحفظك، الله يجعلك مباركا، الله يسدد خطاك. الله يسعدك في الدنيا والآخرة). عندما تأكدت انها قد صفحت عني وسامحتني ارتاح ضميري، وانشرح صدري، ركبت السيارة منطلقا إلى الاستوديو تغمرني السعادة والسكينة وكانت الحلقة ضمن برنامج معكم على الهواء مع فضيلة الدكتور الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان الداعية الإسلامي المعروف - حفظه الله ورعاه - وعنوانها (ألفاظ في ميزان الشريعة) وكان التوفيق من الله عظيما، وثناء المستمعين على الشيخ والحلقة وتنظيمها شيئا غير متوقع، وقد لمست هذا التوفيق للحلقة من خلال اتصال المستمعين ودعائهم للشيخ عبدالعزيز وللقائمين على البرنامج؛ ما جعل هذه الحلقة من أفضل ما سجلت في حياتي الإذاعية، وأعتز بها كثيراً، ولا أشك أن التوفيق الذي كللها بفضل الله عز وجل، ثم بسبب دعوات والدتي - حفظها الله - لذلك أدعو دائما لوالدتي: {رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}، وأدعو الجميع إلى أن يجعلوا بر الوالدين من أهم أولوياتهم في هذه الحياة، فإنه من أعظم أسباب التوفيق والنجاح، ورضا الله عز وجل. والحمد لله رب العالمين.