خبر كان قاسيا على سمعي ومؤلماً في قلبي موقعه، حين أخبرني أخي الدكتور محمد بن صالح الربدي عبر الجوال نبأ وفاة والدته أختي حصة بنت عبدالله بن علي الربدي - رحمها الله - وأسكنها فسيح جناته وقدم لي التعازي بقوة إيمان ورباطة جأش - وطلب لها الدعاء بالمغفرة والرضوان من الله الكريم - وعندها أجهشت بالبكاء - وطاش عقلي وكنت ماشياً جلست - وذكرت الله واستعذت بالله من الشيطان الرجيم، وتلوت الآية الكريمة {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، وقد كاد الحزن أن يقبض لساني - إلا أن أم محمد لها في القلب مكانة تغالبت على الحزن لأقول: إن أم محمد امرأة صالحة أصيبت بمرض طال سنوات، وكانت صابرة محتسبة الأجر والمثوبة من الله - لم تقنط من رحمة الله إيمانا بما عند الله وبما وعده لعباده الصالحين الصابرين بقوله تعالى: {لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ}. كانت أم محمد رغم المرض والألم تستقبل الزائرين في أريحية عالية، ونفس سمحة طيبة، ومحيا يشرق بالابتسامة، وتودعهم بأحسن منها. ما أكثر تقربها إلى الله في صلاة واستغفار وتسبيح وشكر لله تعالى على كل حال. أم محمد.. كانت مثالا يحتذى في تحمل هموم المحيطين من زوج وأبناء وبنات وأقارب، أحبت الجميع، وبادلوها بالحب والاحترام والدعاء لها بجنات النعيم. أم محمد.. كانت تحب طرق الخير، وهي طرق تؤدي إلى الجنة، وغرست ذلك في أولادها، وهم كذلك - والحمد لله -. أم محمد.. رأت - والحمد لله - ثمار غرسها في أولادها، وهم يحملون أعلى المؤهلات العلمية ولهم المكانة الراقية في المجتمع سواء في الجامعات والدوائر الحكومية والأعمال التجارية. أم محمد.. رسمت بمؤازرة زوجها وابن عمها الشيخ صالح بن عبدالله بن فهد الربدي هدفا ساميا في بناء أسرة تطلب المجد والخير، وتزرع المحبة والعطف بين الآخرين، وكان لهما ذلك - والحمد لله -. أم محمد.. ونحن نؤمن بقضاء الله وقدره؛ لم يكن الفراق سهلاً - كنت الأخت والأم - عظيمة القدر في نفسي وروحي، عظيمة الدور في حياتي؛ كما أنت عظيمة لدى زوجك وأبنائك وبناتك، ومن شيعوك وودعوك بالدعاء وطلب المغفرة من الله. أم محمد.. أسأل الله رب العرش الكريم أن يغفر لك ويوسع في قبرك، ويسكنك فسيح جناته، وأن يجمعنا الله بك مع والدينا وأهلنا في جنات الخلد إنه سميع مجيب.