ما أجمل أن يكون لمهنة التعليم العظيمة صاحبة المكانة العالية في الحياة البشرية ميثاق، يوضح أهدافها، ومتطلباتها، كي يكون المعلم على بصيرة من أمره، ومن المفرح في هذا العام الدراسي الجديد حرص المسؤولين في وزارة التربية والتعليم على تفعيل (ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم) الذي تمت الموافقة عليه من قبل المقام السامي ونشر في هذه الجريدة الغراء يوم الأربعاء تاريخ 16-1-1427ه عدد 12193. وهذا الميثاق تضمن ثماني مواد رئيسية توضح ما ينبغي أن يتحلى به كل معلم، وما الواجبات المطلوبة منه عند أدائه أعظم رسالة، وكيفية معاملته طلابه وزملاءه ومجتمعه، وما يجب عليه مراعاته لوطنه ولأمته وللإنسانية جمعاء. فقد جاء هذا الميثاق ونحن في أمس الحاجة إليه، وأصبح نبراساً يهتدى به، فاستمدّ مواده من القرآن والسنة المطهرة - فازداد أهمية وتقديراً - وأكد أهمية دور المعلم وأنه صاحب رسالة، وبيّن عظم مسؤوليته، والسجايا الحميدة والسلوكيات الفاضلة التي يتعين أن يتحلى بها العاملون في حقل التعليم العام فكراً وسلوكاً أمام الله ثم أمام ولاة الأمر وأمام أنفسهم والآخرين. كما يهدف الميثاق إلى تعزيز انتماء المعلم لرسالته ومهنته، والارتقاء بها والإسهام في تطوير المجتمع الذي يعيش فيه وتقدمه، وتحبيبه لطلابه وشدهم إليه، إن مثل هذا الميثاق لا ينبغي إهماله، أو جعله حبرا على ورق، أو أمرا شكليا كبعض أمور التعليم الشكلية، بل لابد من تفعيله، والاهتمام به، وهنا يأتي دور جميع جهات الوزارة والإدارات التعليمية والمدارس منذ بداية تعيين المعلمين الجدد وضرورة حصولهم على نسخة من الميثاق، ومن ثم عقد الندوات، والاجتماعات، وورش العمل لمدارسته والوقوف على أهدافه ومعرفة مضامينه، وتفعيل دور إدارة الإعلام التربوي بالبرامج المسموعة والمرئية كي يتحقق الدعم المعنوي والاجتماعي للمعلم، ويعزز من مكانته، ويفعل دوره التربوي لتحقيق أهداف الميثاق السامية. وتبقى بعد ذلك أسئلة تتردد كثيراً : عرفنا واجبات المعلم وما المطلوب منه ضمن الميثاق الذي أخذ عليه، فأين حقوقه؟ وهل في إعطائه حقوقه تفعيلا للميثاق؟ وكيف السبيل إلى ذلك ومتى؟ أسئلة تتردد كثيراً، وتواجه بعدم الإجابة دائماً!! فكي نتمكن من مطالبة المعلم بأداء الواجبات وما نصّ عليه الميثاق، والعمل للوصول لتحقيق أهدافه بشكل صحيح ومرض، فلابد أن يعطى حقوقه ويهيأ له الجو والمناخ المفعم بالأمن والاستقرار النفسي والاجتماعي، فكل فرد له حقوق وعليه واجبات، وكلما عرف الفرد ما له وما عليه كان ادعى للعمل بجد واجتهاد وإتقان، ولكي تسير العملية التعليمية والتربوية إلى الأحسن، ونرتقي بتعليمنا فلابد من الاهتمام بشؤون المعلم الاجتماعية والمادية والنفسية، والوقوف على همومه، ومتطلباته - ولعل في إصدار هذا الميثاق بداية ذلك، والسير في الطريق الصحيح - إن كثيراً من الحقوق كالتعيين على المستوى الذي يستحقه المعلم، وانتقال المعلم من مستوى إلى مستوى بعد انتهاء السلم لتحفيزه وإحساسه بالتقدير، وتوفير الرعاية الصحية بإمكانات جيدة، وخدمات راقية، وجودة عالية، وترسيخ مكانته الاجتماعية، وبيان أهميته في المجتمع، وتذليل احتياجاته، وفتح المجال أمامه لمواصلة دراسته، وتكثيف الدورات التدريبية القصيرة والطويلة، ووضع الحوافز المغرية لها، ودعم المدارس بالكوادر البشرية لتوفير بيئة مدرسية ملائمة لأداء المعلم دون زيادة تكاليف وأعباء، ومراعاة سنوات الخدمة في الأنصبة وإعادة النظر فيها بشكل جاد (فحديث التعيين في التعليم ليس كمن أمضى عشرين عاما) حقوق وحقوق، المعلم بأمس الحاجة إليها كي تكون دافعاً لمزيد من العطاء والانتماء، فإذا كان الطالب في كل سنة له جديد وتجديد في اللوائح والأنظمة، فلماذا المعلم لا جديد له منذ فترة سوى زيادة التكاليف والمهام حتى يئس من أن يجد من يفكر فيه أو يهتم بحقوقه. [email protected]