كثيرة تلك الأمراض التي أصبحت تسبب الأرق للرجال والنساء على حد سواء ومن تلك الأمراض والتي أصبحت تسبب الخوف بالدرجة الأولى من الأورام الخبيثة عند المرأة خاصة هو سرطان الثدي ويعتبر عدوها اللدود ونسبة الإصابة به كما يقول الأطباء في ازدياد مضطرد، وهو منتشر في المملكة العربية السعودية مصيباً النساء في عمر مبكر ويكون متقدماً يستعصي علاجه عند التشخيص خاصةً لدى النساء اللواتي تتوفر فيهن العوامل التي تجعلهن وليمة سهلةً لهذا السرطان القاتل. ولأهمية هذا الموضوع التقينا باستشارية أمراض نساء وولادة واستشاري جراحة عامة بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي لتسليط الضوء على هذا المرض وكيف يتم علاجه، وكيف أيضاً يتم الوقاية من انتشاره في كافة أنحاء الجسم وإصلاح ما قد ينتج عن مشاكل صحية أو جمالية: سرطان الثدي في ازدياد مضطرد * د. زاهية: ما هو سرطان الثدي، وما هو العمر الذي تكثر فيه الإصابة؟ - يعتبر سرطان الثدي من أكثر الأورام الخبيثة التي تصيب المرأة إذ يكوّن ما نسبته 18% من كل هذه الأورام. ومما يدعو للقلق أن نسبة الأصابة بسرطان الثدي في ازدياد مضطرد وأنه القاتل الأول للنساء البالغات من العمر 40 - 50 ربيعاً. أما احصائيات الأصابة بسرطان الثدي في المملكة العربية السعودية فأكثر مدعاة للقلق، إذ نُشرت بمجلة المدونات الطبية السعودية في أوائل هذا العام احصائية لعدد النساء اللاتي عولجن من سرطان الثدي بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض ما بين عامي 1975م و1991م وكانت النتائج كالآتي: كان عدد النساء المصابات بالسرطان خلال تلك الفترة 1584 امرأة، وكانت نسبة عدد النساء المصابات ما دون الخمسين عاماً 64%، كانت نسبة المصابات بسرطان منتشر 64%، كما بلغت نسبة عدد النساء اللاتي عولجن باستئصال تام للثدي المصاب Mastectomy 85%، ولقد اثبتت هذه الاحصائية خطورة الموقف. وعزت علوّ هذه النسب إذا ما قُورنت بالنسب الصادرة من الدول التي ينتشر فيها داء سرطان الثدي كدول أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية إلى الجهل وعدم وعي النساء المصابات وإلى حيائهن من عرض انفسهن على الأطباء المختصين في هذا المجال. وناشد الباحثون في ختام مقالهم إلى إيجاد ميكانيكية معينة للتشخيص والاكتشاف المبكر للسرطان. * تزداد نسبة الأصابة بازدياد العمر، برأيكم ما هي العوامل التي قد تؤدي إلى الإصابة بسرطان الثدي؟ - هناك عوامل كثيرة اتفق الباحثون في بعضها واختلفوا في البعض الآخر، ومما لا شك فيه أن هناك مؤثرات جغرافية وبيئية تجعل من أوروبا وأمريكا الشمالية معقلاً قوياً لداء سرطان الثدي وتجعل اليابانيات من أقل نساء العالم إصابة به. ومن المثير فعلاً أنه إذا ما هاجرت سيدة من دولة تقل فيها الأصابة بسرطان الثدي إلى دولة ينتشر فيها هذا الداء تعرضت بنات هذه السيدة المقيمة لنفس نسبة إصابة السيدات المواطنات، وتزداد نسبة الإصابة بازدياد العمر وخاصة عند النساء اللاتي بدأ عندهن الحيض لأول مرة في سن مبكرة أو أصابهن اليأس في سن متأخرة أو لم يحملن البتة أو حملن في عمر متأخرة. كما يُعتقد بأن الرضاعة الطبيعية تقي الثدي من الإصابة بهذا السرطان وأن تعاطي نسبة عالية من المواد الدهنية يومياً يجعل المرأة عرضة للإصابة بسرطان الثدي وخاصة النساء السمينات بعد سن الخمسين، وتزداد نسبة الإصابة بالسرطان عند المرأة التي أصيب أحد ثدييها بالسرطان سابقاً لذلك يجب متابعة هؤلاء متابعة دورية بالفحص السريري وأشعة الماموجرام. الوراثة والأدوية عوامل ذات صلة * ما هي العوامل الجينية الوراثية كمسبب للسرطان، وما هي الأدوية التي تزيد من نسبة الأصابة بالسرطان؟ - تتحكم العوامل الوراثية في 10% من سرطانات الثدي، ولقد تم مؤخراً من التعرف على نوعين من الجينات المورثة لسرطان الثدي وهما BRCA1, BRCA2، إن تواجد هذه الجينات يجعل افراد العائلة عرضة للإصابة ليس فقط بسرطان الثدي بل بعدد من السرطانات الأخرى كسرطانات القولون والمبيضين والبروستات وغيرها، وهناك نوعان من الأدوية تتعاطاهما النساء في مختلف بقاع الأرض يجعلهن وليمةً سهلةً للإصابة بالسرطان. الأول هو أدوية منع الحمل Contraceptive Pill وخصوصاً إذا ما تعاطته المرأة لمدة تزيد عن الأربع سنوات قبل أول حمل لها، ولا تظهر بوادر المرض إلا بعد إكثر من 20 عاماً، والثاني هو الأدوية الهرمونية البديلة Hormonal Replacement Therapy التي تتعاطاها النساء بعد بلوغهن سن اليأس، وتزيد هذه الأدوية من غلاظة انسجة الثدي مما قد يعيق اكتشاف السرطان بسهولة، وتظهر بوادر المرض عادة بعد 10 سنوات. الاكتشاف المبكر للسرطان يمكن من اسئصاله تماماً * ما هي السبل التي تقي من تطور سرطان الثدي وانتشاره؟ - نظراً لما يسببه هذا السرطان من وفيات كثيرة بين النساء وخصوصاً ما بين سني 40 إلى 50 سنة أصبح من الضروري ايجاد وسيلةٍ للحد من هذه الوفيات، واكتشاف أي سرطان في مراحله الأولى يمكّن من استئصاله تماماً قبل أن يستشري وينتشر ويصبح علاجه مستعصياً، كما أن اكتشاف سرطان الثدي المبكر يمكن من استئصاله تماماً دون اللجوء إلى استئصال الثدي وفي هذا ميزة عظيمة لكل انثى، وهناك طرق عديدة لاكتشاف سرطان الثدي المبكر وضعت أسسها الدولُ التي ينتشر فيها هذا المرض انتشاراً مخيفاً كدول أوروبا الغربية. وهذه السبل هي: العرض المباشر على الطبيب المختص في عيادة أمراض الثدي Self Referral Clinic دون اللجوء إلى تحويلٍ رسمى، إذ يُسمح لأي انثى بأي شكوى بالثدي ان تعرض نفسها على احدى هذه العيادات من غير موعد مسبق او تحويل رسمي فتفحص من قبل طبيب متخصص وتجرى لها الفحوصات اللازمة، وكذلك الفحص الشخصي الدوري Breast Self-examination: يجب على كل انثى في مرحلة الإخصاب ان تتعلم الطريقة المثلى لفحص ثدييها شهرياً في اليوم الأول بعد انتهاء عادتها الشهرية، ويتم هذا بالمثول امام المرآة ومقارنة الثديين وملاحظة اية تغيرات خارجية, ثم ترفع الذراعين فوق الرأس ومراقبة أية تغيرات قد تحدث في أحد الثديين، ثم تستلقي المريضة على الفراش واضعةً ذراعها الأيمن خلف الرأس وتقوم بفحص كل اجزاء الثدي الأيمن براحة يدها اليسرى وملاحظة أية تورمات وآلام ونتوءات، ثم يوضع الذراع الأيسر خلف الرأس وتستخدم اليد اليمنى لفحص الثدي الأيسر. بهذه الطريقة تكون المرأة اعرف ما تكون بثدييها فتكتشف أي تغير يحصل مبكراً فتهرع لعرض نفسها دون تردد على الطبيب المختص. الفحص الشامل لكلا الثديين * ما هي الإجراءات التي يتخذها الطبيب عندما يريد تشخيص سرطان الثدي؟ - أولاً يبدأ الطبيب بالتعرف على التاريخ المرضي لتحديد ما إذا كان هناك أي عامل من العوامل المذكورة يجعلها عرضةً للسرطان وخاصةً أمراض الثدي السابقة وطبيعتها وما إذا كانت إحدى قريباتها المقربات قد أُصيبت بالسرطان وما إذا تعاطت او تتعاطى أدوية منع الحمل أو الهورمونات التعويضية، بعد ذلك الفحص الإكلينيكي أو السريري: ولا بد من الفحص الشامل والعام لكلا الثديين السليم منهما والمصاب , ومقارنتهما وتحديد موقع الورم بالضبط وحجمه وما إذا كان قد تغلغل إلى العضلات الصدرية أو إلى الجلد المغلف للثدي، ثم يفحص الإبطين وخاصة في الجهة المصابة لتحديد ما إذا كان هناك تضخم في الغدد اللمفاوية. أما الفحص الثاني فهو أشعة الثدي الماموجرافية Mammographyالتي قد تبين الورم ككتلةٍ بيضاء غير محدودة المعالم أو كتكلسات دقيقة جدا Microcalcificationأو كتوسع واضح في أحد الأنابيب الثديية، وإذا ما ضم الفحص السريري والتحليل السايتولوجي إلى الأشعة الماموجرافية أصبح تشخيص سرطان الثدي دقيقاً جداً لا خلاف فيه. وإذا لوحظ أو وجدت أية كتلة يتم أخذ عينة من الورم نفسه بالإبرة (Fine Needle Aspiration Cytology) تفرش فوق شريحة زجاجية وتفحص تحت المجهر من قبل طبيب الأنسجة المختص، يمكن بهذه الطريقة تحديد وجود خلايا سرطانية تؤكد خبث الورم، إلا أن عدم وجود مثل هذه الخلايا لا يستثني وجود ورمٍ خبيثٍ وخصوصاً إذا ما كان الفحص السريري مشككاً جداً ومن ثم لا بد من فحص الرئتين والكبد للتأكد من عدم انتشار السرطان إليهما، إضافة إلى ذلك إخضاع المريضة للفحوصات، إجراء الفحص كل عامين ما بين العمر (55-65). * ما هي أشعة الماموجرافي، وكيف يتم العلاج إذا اكتشف السرطان، وهل ينتشر إذا أهمل علاجه؟ - أشعة الثدي الماموجرافية Mammography : تمّ في السنوات الأخيرة ايجاد ميكانيكية للاكتشاف المبكر لسرطان الثدي في الدول التي ينتشر فيها هذا المرض كبريطانيا. إذ تستدعى كل امرأة تبلغ من العمر 55-65 سنة في البلاد لفحص سريري وأشعة ماموجرافية كل عامين، على الرغم من أن هذه الطريقة باهظة الثمن إلا انها انقذت حياة نساء كثيرات ووفرت عليهن العناء النفسي والجسدي الذي ينتج عن استئصال الثدي الكامل. * ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لا تستدعى النساء اللواتي دون الخامسة والخمسين؟ لقد وجد الباحثون في تلك الدول عدم انتفاع مثل هؤلاء النساء من هذه الميكانيكية الباهظة الثمن، إلا أن الإحصائية الآنفة الذكر التي نشرتها المدونات الطبية السعودية في مطلع عام 1997م يحتّم علينا استدعاء من هن دون الخمسين سنة إذا ما وضعت مثل هذه الميكانيكية حيّز التنفيذ في بلادنا. أما العلاج فعند تشخيص السرطان لا بد من مفاتحة المريضة واستعراض كل سبل العلاج المختلفة المتوفرة بما في ذلك العمليات التجملية التي يمكن اجراؤها بعد استئصال الثدي كاملاً وترك الخيار تماماً للمريضة لاختيار الطريقة التي تناسبها بعد توضيح المحاسن والمساوئ المصاحبة لكل طريقة. وسبل العلاج متعددة وقد تختلف من مركز طبي لآخر ومن طبيب لآخر، سرطان الثدي يصيب اكثر ما يصيب الربع الخارجي الأعلى من الثدي الأيسر عادة بنسبة تترواح 60% والأجزاء الأخرى من الثدي بنسب تترواح ما بين 6 - 12%. وينتشر السرطان بهدوء إلى اجزاء الثدي الأخرى إذا ما أهمل ولم يعالج , وإلى الجلد المغلف للثدي وعضلات الصدر، كما قد ينتشر السرطان إلى الغدد اللمفاوية في الأبط عبر الأوعية اللمفاوية, وعبر الدم إلى أعضاء أخرى كالكبد والرئة والعظام وأحياناً المخ بعيدة عن موقع الورم الرئيس مما يجعل علاج المرض أمراً مستحيلاً. استئصال الغدد اللمفاوية يحدد ما إذا كانت المصابة ستحتاج إلى علاج إضافي * د. نادر : ما هي الطرق الجراحية التي يتم من خلالها استئصال الثدي المصاب بالسرطان؟ - لدينا طرق جراحية متعددة منها: الاستئصال الكامل للورم مع الاحتفاظ بالثدي Lumpectomy، استئصال الثدي المصاب كاملاً (Mastectomy)، استئصال كامل الثدي وتنظيف الأبط من كل الغدد اللمفاوية، كما ان استئصال الغدد اللمفاوية مهم جداً إذ يحدد ما إذا كانت المصابة ستحتاج إلى علاج إضافي كيماوياً كان أو مشعاً وخاصة إذا ما انتشر السرطان إليها، كما أن احتواء أكثر من 3 غدد لمفاوية لخلايا سرطانية عند تحليلها نسيجاً يعني اخباراً سيئة للمريضة. جراحات عديدة *هل هناك أنواع للجراحة المستعملة مع سرطان الثدي؟ - نعم ومنها: الجراحة الحافظة للثدي Breast Conserving Surgery استئصال كتلي Lumpectomy - استئصال جزئي للثدي Partial Mastectomy - Quadrantectomy تزيل فقط الكتلة السرطانية مع بعض أنسجة الثدي السطحية المحيطة بهذه الكتلة وغالباً مع إزالة بعض العقد الليمفاوية من الإبط، بعد العملية ب2 - 3 أسبوع، يبدأ المريض المعالجة الإشعاعية والتي تكون غالباً مؤلفة من نظام (خمسة أيام في الأسبوع) لمدة ستة أسابيع، أظهرت الأبحاث، أنه عند تلازمها مع الأشعة، فإن الاستئصال الكتليlumpectomy يكون فعالاً مثل استئصال الثدي عند معالجة المرحلة المبكرة لسرطان الثدي والاستئصال الكتلي مفضل لأن المرأة تحتفظ بثدييها، كما أن هناك استئصال الثدي الجذري المعدل Modified Radical Mastectomy: تزيل الثدي، العقد اللمفاوية في الإبط والبطانة فوق عضلات الصدر (مبقية على العضلات كما هي). هذا الإجراء هو بديل عن الجراحة الحافظة للثدي والمعالجة الاشعاعية، وتستعمل هذه الطريقة حين يكون ورم الثدي في مراحل متقدمة عند تشخيصه وأيضا استئصال الثدي الكلي أو البسيط Total or Simple Mastectomy: يزيل الثدي وبطانة العضلات على عضلات الصدر تحت الورم. تستعمل لمعالجة سرطان الثدي في المراحل المبكرة ومعالجة سرطان القنوات الموضعي الشديد ductal carcinoma in situ وهو عبارة عن (خلايا غير طبيعية توجد في أقنية الحليب). وبالرغم من الجدل حولها، تستعمل في بعض الأحيان للوقاية من سرطان الثدي عند النساء ذوات نسبة الإصابة العالية بالمرض بسبب وجود مورثة مصابة، وهذه الحالات تساوي حوالي 5% من سرطانات الثدي. تعريف بالمشاركين: الدكتور: نادر حسين - استشاري جراحة عامة وجراحة المناظير بالمركز الدكتورة: زاهية كمكم - استشاري أمراض النساء والولادة بالمركز