الدكتور رشيد أستاذ الجامعة الذي رسّب بشكل تعسفي ثلاثة طلاب في محاضرة واحدة ربما لا يحتاج إلى أكثر من ثلاث أو أربع محاضرات ليرسّب جميع الطلاب.. وهو موقف هزلي يحتاج إلى المبالغة الكوميدية بقصد إيصال رسالة نقدية لبعض أساتذة الجامعات. المشهد ربما أضحك أساتذة الجامعات قبل غيرهم واعتبروه نقداً لاذعاً موجّهاً لشخص واحد وربما فئة قليلة، ولا بدَّ من تقبّله بصدر رحب إيماناً بحق كافة أفراد المجتمع في توجيه النقد فيما يؤثر على حياتهم. أساتذة الجامعات لم يكونوا الوحيدين الذين تعرضوا للنقد الساخر من هذا البرنامج الناجح، فقد تعرض برنامج (طاش ما طاش) بنقد مماثل في الطريقة والأسلوب لبعض الدوائر الحكومية؛ مثل وزارة التربية والتعليم والشرطة والمرور ووزارة الصحة والكثير من شرائح المجتمع السعودي الغالي علينا جميعاً، ولم يعترض أو حتى يتضايق أحد؛ فجميعنا تقبلنا ويجب أن نتقبل النقد بصدر رحب واضعين في اعتبارنا أن الأهم هو مصلحة المجتمع وليس هناك أحد منزّه عن الخطأ. فلذلك لم تُثَر الضجة ولم يتم استخدام المنابر والمنتديات ولم ترسل البرقيات للاستنكار على هذا النوع من النقد كما هو الحال عندما يقوم نفس البرنامج بنقد مماثل لبعض المنتسبين للدين أو بعض من يمارسون أعمال القضاء أو رجال الهيئة فتكون ردة الفعل غير طبيعية ويتم التعامل مع هذا النقد بحساسية بالغة ويفهم هذا النقد بأنه استهزاء بالدين والشريعة الإسلامية، وهنا إحدى المعضلات الرئيسة التي يمر بها المجتمع السعودي في هذه الفترة الانتقالية الحرجة في المجتمع السعودي، ثمة أشخاص يرون أن لديهم قدسية وحصانة ولا يجوز انتقادهم والاختلاف معهم، من انتقدهم فهو ينتقد الدين، ومن ناقشهم فهو يشكك في الدين، ومن اعترض على بعض أحكامهم فهو يعترض على حكم الله. فلهؤلاء الأشخاص نقول: إنكم تلحقون ضرراً بالغاً بالدين، وذلك من خلال ربطه بأشخاص والنظر إليه من خلال سلوكهم وتصرفاتهم. أتمنى أن يأتي اليوم الذي يفهم فيه هؤلاء أن النقد الموجه لأحدهم هو مثل النقد الموجه للدكتور رشيد، لو كان ينطبق على جميع أساتذة الجامعات لرسّب جميع الطلاب في الجامعات السعودية.