حين بلغني نبأ وفاة سمو الأمير الصديق سعد بن خالد بن محمد، لم أستطع أن أخفي حزني وتأثري على هذه الخسارة الفادحة، بل لم أكن قادراً على منع دمعة حرى كانت قد تجاوبت مع هذا الخبر من أن تسقط من عيني. فقد كان هذا الأمير الشهم صديقا ومحبا وسندا يعتمد عليه، لما كان يتحلى به من أريحية وصدق ومحبة وإخلاص وإيثار مصلحة الآخرين على مصلحته الشخصية، وحب دائم للخير يبذله دون أن يمنّ به أو يعرف عنه أي أحد. وإن خسارة الوطن بفقد هذا النوع من الرجال، هي خسارة كبيرة لا يحس ولا يشعر بها، إلا من تعرف على هذه الشخصيات ولمس من تصرفاتها ما يعزز الرأي بأن فقد المال لا شيء، لكن فقد مثل هذا الرجل هو كل شيء. إنني إذ أكتب هذه الكلمات عن الراحل الكبير، فلأنني من خلال صلتي به وصداقتي معه أعرف معدن الفقيد والكثير من التصرفات الحكيمة التي كانت تتسم بها تعاملاته مع الآخرين، بما لا تجد مثل هذه الصفات في غيره إلا بعدد محدود من الرجال. ولا شك أنني لست وحدي من فقده وحزن عليه وذرف الدمع تأثراً لوفاته، ولكن كل من يعرف هذا الأمير الشهم لا بد أنه أصابه من الحزن ما أصابني، وبلغ به التأثر ما بلغني، وهو يستحق أن يحزن عليه، لما كان - رحمه الله - يتصف به من التواضع والتسامح والخلق وإنكار الذات، وما إلى ذلك من التميز الذي كان عليه طيلة حياته. لقد تركت وفاته رنة أسى في نفسي، وما زلت رغم مرور أيام على وفاته أشعر بحجم الخسارة التي تركته هذه الوفاة على مستوى الوطن والمواطن، بما لا تكفي مثل هذه الكلمات للتعبير عن حجم هذه الفاجعة التي صاحبت خبر وفاته. وإن ما يعزي النفس، ويلهمها الصبر، ويقوي من العزيمة في تحمل هذا المصاب الجلل، أن هذه سنة الحياة، وإرادة الله، وكلنا ميتون، فإلى جنة الخلد يا أبا خالد مع الشهداء والصديقين والأبرار، مع أخلص التعازي القلبية الصادقة للأسرة المالكة الكريمة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز، وإلى أبنائه وزوجته، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.