نعيش هذه الأيام الذكرى السادسة والسبعين لتوحيد المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود طيب الله ثراه. ولا شك أنها مناسبة عزيزة وغالية على قلوبنا جميعاً، تذكر النشء بما فعله هذا الرجل العظيم ورجاله المخلصون في سبيل توحيد هذا الوطن وجمع شتاته ولم شمله. إن توحيد المملكة وبناءها وتطويرها كان معجزة في آن واحد، فقد بدأ الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - تلك الرحلة الميمونة الطويلة والشاقة من الكويت إلى الرياض والتي استغرقت حوالي أربعة أشهر (من 12/6 إلى 3/10/1319ه) وبلغ طولها ما يقارب 000.1 كم، والتي على أثرها تم دخول الرياض وفتحها. ولم يكن طموح واستراتيجية وهدف ذلك الرجل العبقري والسياسي المحنك يقتصر على الرياض فقط بل كان أبعد من ذلك، حيث استمرت مرحلة التكوين (ما بين عام 1319 وحتى عام 1351ه)، منطلقة من الرياض حتى توحيد أربعة أخماس مساحة شبه الجزيرة العربية من أقصى شمالها إلى مشارف جنوبها، ومن سواحل الخليج العربي شرقاً إلى سواحل البحر الأحمر غرباً (على أرض تقدر مساحتها بحوالي 2 مليون كم2) وتمتد حدودها لمسافات طويلة تقدر بحوالي 800.5كم، وهذا يعد أكبر وأنجح وحدة وطنية تحققت في العالم العربي. بعد ذلك بدأت مرحلة البناء والتطوير وإعداد الإنسان السعودي (من عام 1351ه إلى يومنا هذا) حيث واصل أبناؤه البررة (الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد رحمهم الله، ثم ملك القلوب والإنسانية عبدالله وساعده الأيمن سلطان الخير (يحفظهما الله) مسيرة التنمية والبنية التحتية والخدمية والعمرانية والنهضة العلمية والتعليمية، والصحية، ونقل وتوطين التقنية الحديثة وتنمية الكوادر البشرية. وإيماناً من الدولة - رعاها الله- بأن الإنسان يعد الثروة الحقيقية وأغلى ما تملكه أي أمة وأن استثماره بالتعليم والتدريب والتأهيل من أهم الإنجازات الوطنية فقد تم اتخاذ العديد من الوسائل والتدابير الكفيلة ببناء وتطوير القدرات والكفاءات الوطنية، وإعدادها مهنياً والارتقاء بها. إن هذه المناسبة الغالية تحمل في طياتها الكثير والكثير من المعاني والذكريات العظيمة والجليلة التي تحققت في أرض الجزيرة العربية والتي تذكرنا نحن السعوديين بالأرض التي نعيش عليها، من سهول وجبال وغابات وصحاري ووديان وسواحل ومياه .. ، والتي توحدت على يد المؤسس القائد الملك عبدالعزيز رحمه الله، وتذكرنا بأن الله شرف المملكة العربية السعودية بأقدس المقدسات الإسلامية (البيت الحرام، ومسجد الرسول الكريم، وتذكرنا بالماء والهواء والانتماء إلى هذا الوطن وبالوطنية والحب والإخلاص والولاء وبالقيادة الحكيمة وبالدفاع عن الدين والمليك والوطن وبالوسطية ونبذ العنف وترك التشدد وبالعمل بكل جدية وأمانة وإخلاص وبالتعلم والإبداع واحتراف المهنة وغيرها من الأشياء التي يجب أن نفهمها ونفكر فيها بجدية في هذا اليوم وكل يوم. رحم الله الملك المؤسس الذي تعب لنرتاح ونسعد وبنى لنستقر وننعم بوطنٍ كبيرٍ وصرحٍ شامخٍ نعتز ونفتخر بالانتماء إليه. وختاماً أسال الله أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه وأن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم، وأن يعيننا على مواصلة الرسالة وأداء الأمانة وأن يحفظ على بلادنا وأمتنا أمنها واستقرارها وعزها ورخاءها في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز المفدى وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وهنيئاً لنا جميعاً بيومنا الوطني ودامت الأفراح والمسرات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.