أشير إلى ما دار بين بعض الإخوة في هذه الجريدة وخاصة في الأعداد 12388، 12396، 12399 بتاريخ 5 و13 و16 من هذا الشهر شعبان 1427ه حول منشأ نخلة السكري، ومتى، وأين؟.. يسرني أن أدلي بدلوي في الموضوع من خلال مقال كتبه الشيخ حمد الجاسر رحمه الله في مجلته (العرب) في الجزأين السابع والثامن من السنة الثالثة والثلاثين لشهري محرم وصفر عام 1419ه، بعنوان (السكري من النخل: هو العُمْرُ قديماً).. وها هو مرفق أرجو نشره ليطلع عليه المهتمون.. واليكم ما قال الراحل حمد الجاسر رحمه الله: السكري من النخيل: هو العُمرُ قديماً (في مجلس ضم صفوة من الإخوة. جرى الحديث عن السكري نوع من النخل الذي شهرت به مدينة عنيزة قبل غيرها مما دفع أحدهم إلى القول بأنه لم يُعرف في غيرها قبلها. وتشعَّب القول، فرغب أحدهم معرفة رأي مجلة (العرب) في هذا، فكان هذا البحث): ورد في كتاب (تهذيب اللغة) للأزهري - ج2 ص384 - ما نصه: (الليث: العمرُ. ضرب من النخيل، وهو السَّحوقُ الطويل من النخل، قلت: غَلِطَ الليث في تفسير العَمْر، والعَمْر نخل السكر، يقال له العَمر، وهو معروف عند أهل (البحرين) وأنشد الرياشي في صفة حائط نخل: أسود كالليل تدجَّى أخضرهُ مُخالطٌ تعضُوضُه وعمره برنيُّ عَيدانٍ قليلٌ قَشرهُ والتَّعضوضُ: ضرب من التمر سريٌّ، وهو من خير تُمران (هجر) أسود عذب الحلاوة، والعُمرُ: نَخلُ السُّكَّر، سحوقاً كان أو غير سحوق، وكان الخليل بن أحمد من أعلم الناس بالنخيل وألوانه، ولو كان الكتاب (1) من تأليفه ما فسر العَمر هذا التفسير، وقد أكلت أنا رطب العمر ورطب التعضوض، وخرفْتُهُما من صغار النخل وعيدانها وجبَّارها، ولولا المشاهدة لكنت أحد المغترِّين بالليث وخليله، وهو لسانه) انتهى. وقال ياقوت في (معجم البلدان): (ذكر أبو حنيفة الدينوري في كتاب (النبات) أن العُمر الذي للنصارى إنما سمي بذلك لأن العُمر في لغة العرب نوع من النخل، وهو المعروف بالسكري خاصة، وكان النصارى بالعراق يبنون ديرتهم عنده فسمي الدَّيرَبة، وهذا قول لا أرتضيه لأن العُمر (2) قد يكون في مواضع لا نخل فيه البتة) انتهى. وجاء في (القاموس وشرحه): (السكر - رُطَبٌ طيِّبٌ - نوع منه شديد الحلاوة، ذكره أبو حاتم في كتاب (النخلة) والأزهري في (التهذيب)، وزاد الأخير: وهو معروف عند أهل (البحرين) قال شيخنا (3): في (سِجلماسَة) و(دَرعَة)، قال: وأخبرنا الثقات أنه كثير بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أنه رطب لا يُتمر إلا بالعلاج) انتهى. ومما تقدم يتضح أن نخل السكري - هو ما عرف قديما باسم العُمُر - بضم العين وقد تضم الميم وتسكن، وكان معروفاً في (البحرين). و(سجلماسة) و(درعة) في المغرب، وأنه على ما أخبر الثّقات كثير في (المدينة). ولعله انقطع فترة من البحرين، ومن المدينة، وقد أعيد غرسه في (عنيزة) في أول الأمر حيث اشتهر بالنسبة إليها، وكثير من أنواع النخل القديمة قد أصبح مجهولاً، وقد قال الهمذاني في كتابه (البلدان) ص87 (4) في وصف تمر اليمامة بعد أن ذكر افتخار أهلها على غيرهم بأن حلاوة تمرها أشد حلاوة من غيره، قال: (وأما تمرها فلو لم يعرف فضله إلا أن التمر يُنادى عليه بين المسجدين: يمامي اليمامة! يمامي اليمامة! فيباع كل تمر ليس من جنسه بسعر اليمامي، وبها أصناف التمور، وبها نخلة تسمى العمرة، ويقال إنها نخلة مريم، وجمعها العُمْر، والجُدامية تمر ينفع من البواسير والصفرقان، تمرة سوداء طيبة والحضري (5) والهجنة، والبردي، والصفراء، والقعقاعي، واللصف، والصفر، والصفايا، والتعضوض، والعُماني، والجِعاب، والمُري، وخرائفُ بني مسعود، والصَّرفان، والزُّغريُ، والصَّنغانة، وزُبُّ رُباح، يقال في المثل: ألذُّ من زُبَد بِزُبِّ، وصرفان، وجلاجل (6)، والخيل، هذه كلها تمور اليمامة ألوانٌ ملونة) انتهى. وأكثر أنواع هذا التمر أصبحت مجهولة الآن. الحواشي: (1) يعني كتاب (العين) الذي رواه الليث. وقد فصَّل الكلام عنه الأزهري في مقدمة (تهذيب اللغة). (2) أي عمر النصارى الذي هو الدير، كما ذكر ياقوت في مادة (عمر). (3) هو شيخ مرتضى الزبيدي شارح (القاموس) وهو أبو عبدالله محمد بن الطيب الفاسي (1110- 1170ه) حاشية على (القاموس) طبع منه جزآن. (4) تحقيق الأستاذ يوسف الهادي طبعة سنة 1416ه في بيروت. (5) لعل الصواب (الخضري) ولا يزال معروفاً. (6) لعل الصواب (صرفان جلاجل) وجلاجل من بلدان سدير المشهورة بجودة النخل. مجلة العرب ج7-8، س33محرم وصفر 1419ه. محمد عبدالله الحمدان