مع الأسف المبين أن تخترق الجرأة بل الوقاحة حدود الوجاهة، ويتمرد الأدب في قلة أدب، أو جهل بمكانة العلماء وأهمية دورهم في الحياة وفي أمور من تشريعات الدين، ليست بالموضة لتخبو، وليست هامشية لتزول وديدنها الاستمرارية، وهي مطلب، والحديث عنها من قِبل العلماء واجب. نعم، على الداعية والعالم الجليل الاجتهاد في طريقة تقديم العلم ونشر الدعوة والتحري لمعالجة ما يحدث والإلمام بالمناسبة الطارئة، لكن لا يعني ذلك أن يتخلّى عن مسؤوليته في التنبيه عن أمور الدين وبيان الحلال والحرام، في الصغيرة كما هو في الكبيرة، بل شتان بين كلمة الحق والتطاول والتحامل على شيخ جليل أو عالم تستغفر له الأرض والسماء، هذا إن كان ثمة كلمة حق. كم نُصدم ونتألم وتتجاوز بنا الدهشة عالم الواقع إلى أطياف غير المعقول، كلما يكتب بعضنا الذي يشدنا ونشده بإيماننا لوحدة الصف، أو كما هو المأمول غير العالم وغير المتخصص، بل ربما حسبناه في رقة شعور، وحس متميز عن أهل العلم بالانتقاص من شأنهم أو بتناول اجتهاداتهم بطريقة السخرية والنقد غير المحترم وغير اللائق! وكأنما درجة ابداع متفوقة أو لم يبق من مواضيع التميز فيه إلا ذلك!! بالتأكيد.. للقلم حرّيته، لكن القلم الحر لا يتجاوز حدود الاحترام لأهل الدين وان قصّروا في غير كبيرة من الكبائر أو انجراف بيّن، وعندها لن يصبحوا رجال دين بل الدين منهم براء، ولا أعني القول بعصمة العلماء من الخطأ، وليس لي هذا القول لكن لابد من التأدب معهم وفي الحديث عنهم بالآداب الشرعية. إن شأن العلماء خطير وأثرهم مبارك، ورسالتهم جليلة في تنوير العامة، والسعي إلى الخير، ومصالح المسلمين، ودافعهم حب الله تعالى والغيرة على دينه، ألا يكفي هذا لنحترمهم؟! ألا يكفي أن نقدرهم وهم أشد الناس لله خشية؟! ومما يحزن، أن تجد من بين مقالات العرب المسلمين التي تكتب ترفاً بل سلبية تتعدى أطر الإبداع إلى خارج حدود العقل أحياناً، وتتحدى ميدان الحرية إلى أنماط من الجموح غير سوية تلمح إلى الطعن في العلماء، بل وتصرح بذلك دون رقيب أو اعتبار لرقيب! ويبقى السؤال المؤلم: هل أصبحت السخرية حيلتنا أو أقصى حالات العطاء والابداع لدينا لنسخر من أولئك العمالقة الذين يضيئون لنا الطرق ويخافون علينا يوماً شرها المستطير؟! وهل أصبح من معالم وحدة الصف أو بعد النظر البدء بمهاجمة العلماء، والسخرية والاستهزاء برجالات الدين؟! لماذا السخرية بالأساس؟ أليست السخرية موقف الضعيف من القوي؟! لكن.. مَن يسخر ممَن؟! لنتق الله فيما نكتبه، ونراجع ما كتبناه قبل البوح به جهاراً أمام الملأ. ومن لم يعجبه نصرة العالِم أو الشيخ الجليل الداعية إلى الخير وإلى الصراط المستقيم، فلا يتتبع زلاته؛ فإن ذلك بالتأكيد لن ينقص من قدره، وكيف ذاك وقد رفعه وقدّره وأمر بتقديره واتّباعه مقدّر الأمر كله سبحانه؟! نسأل الله أن يهدينا ويهدي كتّاب المسلمين وأدباءهم خاصة إلى الصراط المستقيم ويجنبنا طرق الغواية والضلال ويثبّتنا على دينه والله تعالى من وراء القصد.