هل ما يحدث شيء مزعج أم أنه أمر طبيعي يمر به أي مجتمع وفي كل زمان؟ أتكلم عن حوادث الاغتصاب والاختطاف التي باتت تملأ جرائدنا.. وأخبارنا.. ومجالسنا.. ما بين مصدق تلوح من عينيه نظرات الألم.. وبين مكذب.. يجد في التكذيب السبيل الوحيد لطمأنة نفسه وتهدئة روعه..؟ لو كذبنا بعض القصص فهل نكذب الحوادث التي تصل لمراكز الشرطة وأجهزة الأمن؟ ليس الهروب هو الطريق لحل المشاكل.. فالمواجهة على الرغم من مرارتها هي الحل. سؤال آخر.. هل كنا فيما مضى نسمع عن هذه الجرائم بهذه الكثرة قبل خمسة عشر أو عشر سنوات؟ إذن نحن نواجه مشكلة.. والاعتراف بالحق فضيلة.. بدأنا نشعر بالخوف في شكل ما تخيلناه يوماً.. فبعد أن كنا ننام وأبوابنا - دون مبالغة - مفتوحة أصبحنا ننام ودوننا أبواب وأقفال (والحافظ هو الله وحده). للمتفائلين.. هذه القضايا يكره فيها التفاؤل.. والتزكية.. الكثير سيقول (إحنا أحسن من غيرنا).. ولكن لو كانت ابنته أو أخته تعرضت لذلك.. يقينا أنه لن يقول هذا الكلام.. هل يوجد شيء أغلى من العرض؟ وكيف سيكون حال المجتمع مع هذه الجرائم.. أي إنسان محطم سينتجه.. لينتج لا شيء لنفسه وأمته؟ فتاة ذات أربع سنوات اختطفت من أمام باب بيتها لتعود وقد فقدت عذريتها ويحكم على المجرم بأربع سنوات سجن وعدد من الجلدات.. أربع سنوات ليست مدة طويلة.. يقضيها ويخرج.. أما الجلدات فالزمن كفيل بمحو آثارها وآلامها.. ومن يدري بما أن الحكم بهذه السلاسة قد يخرج ويؤذي بريئة أخرى. القائمة أطول من أن تحصى ولكن هناك جرائم تحفر لبشاعتها التي ما تخيلها إبليس نفسه يوماً.. الفتاة التي اختطفت من عقر دارها مع العلم أن أهلها قد حرروا بلاغاً ضد المجرم قبل ارتكاب جريمته لماذا لم يخضع للمراقبة؟ لماذا لا نحاول منع الجريمة قبل وقوعها بما أننا نملك أدلة وبلاغات.. بدلاً من أن نهرول بعدها ونلقي القبض على المشتبه ونقول (في زمن قياسي)؟ هل تشفع هذه عند أهل المنكوبة وهل تعيد شرفها الضائع؟ الوافدة التي دخل عليها رجل في منزلها واعتدى عليها.. ابتهال التي ما يزال مصيرها مجهولاً.. فتاة حائل التي اغتصبت وصورت في أوضاع مهينة. وآخرها كما قرأنا جميعاً عن البنغالية التي اختطفت في عملية اقتحام عصابات وكأننا نعيش في البصرة وتناوب على اغتصابها سبعة رجال (قاتلهم الله). إذا كان الإنسان لن يجد الأمن على عرضه في وطن ارتبط اسمه بالأمن والسلام وفوق ذلك لن يجده في منزله.. فأين سيجده؟ فلا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل. من يدفع دية المرأة التي لقيت حتفها تحت طعنات طليقها بعد اقتحامه المارينزي للمركز الصحي.. أين المسؤولون عن الأمن؟ ونعود لنكرر أن المرأة قدمت بلاغاً ضد طليقها تذكر خوفها من تهديداته لها.. ما اتخذ ضده أي إجراء سوى تعهد وقع عليه حبراً على ورق خرج بعده لينهي حياة امرأة تعول أربعة أطفال؟ قرأت في إحدى الصحف قصة امرأة حاول اختطافها (شقيقان) أمام الناس! قمة في الوقاحة ولكن الأمر الأشد وقاحة هو الوالدة الموقرة التي كان يجب عليها تربية أبنائها ليكونوا مواطنين صالحين بدلاً من تأييدها لهم بفعلهم الشنيع واتصالها بالمجني عليها ومحاولة إقناعها بالتنازل، فلما رفضت قالت: كفالة ويطلعون.. في تحدي صريح لكل القيم النبيلة. ما الذي يجري وأين نعيش؟ هل تحولت بلادنا العظيمة.. إلى غابة.. اقتحامات واختطافات وتهديدات وإقناع التنازل بالقوة؟ أعود لأسأل وأريد جواباً: عندما يخرج الشقيقان الشقيان .. بعد الكفالة والدعم من الأم المربية. من ستكون الضحية.. وهل ستنجو كما نجت تلك بالصدفة.. أم أنها ستسقط ولن تجد من يسمي عليها. أيها المثقفون يا من تكتبون عن حقوق المرأة وما قرأت لكم مقالاً واحداً بهذا الخصوص.. أليس أعظم حق للمرأة هو أن تعيش معززة مكرمة آمنة على عفتها.. لا أن تصبح جارية تختطف وتغتصب وتهان ثم تلقى لتواجه مصيراً مؤلماً وعقداً نفسية.. ويحاكم المجرم محاكمة هازلة يخرج بعدها سليماً معافى كأنه ما مسه من نصب الدنيا شيئاً.. ويمارس حياته بكل هدوء بعد أن حول ضحيته إلى كائن ميت يتنفس؟ ومن هنا هذه الجريدة التي دافعت عن حمى الوطن أناشد بأن يضرب بيد من حديد.. على كل من يحاول العبث بأمن الوطن.. واغتيال الأخلاق.. وقتل البراءة.. واختطاف الطفولة.. يجب أن ينزل عليه العقاب الرادع وأن يعلن بالاسم والصورة حتى يكون عبرة لمن يفكر مجرد تفكير اللعب بأمن هذا البلد وسلامة أهله.. وليعلموا أن هذا التراب يقف دونه رجال غيورون حريصون عليه.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.. هذا والله من وراء القصد.