قال تعالى {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} والله سبحانه وتعالى يقلب الليل والنهار فتحدث في أثنائهما الأحداث التي كتبها الله سبحانه وتعالى فلا راد لقضائه وهو الذي يقول للشيء كن فيكون، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (إنما الصبر عند الصدقة الأولى) فرحم الله الشيخ سالم بن عيد بن حرب شيخ قبيلة بني عطية الذي انتقل إلى رحمة الله يوم الخميس الموافق 3-6-1427ه بعد معاناته مع المرض واحتسابه ذلك عند الله فوقع الصدمة على كل من عرف أو سمع عن سالم بن حرب له تأثيره لهذا الرجل الشهم النبيل الذي فقدناه وفقده الوطن بأكمله تأثر بمعاناته، ولعل الحشود البشرية التي أدت الصلاة على جنازته في الجامع الكبير بتبوك ومن حضر في المقبرة عند دفنه لأكبر دليل على حب الناس لهذا الرجل فقد ضاقت الطرق والمقبرة بالأعداد الكبيرة من المشيعين ومحتسبي الأجر ومحبتهم للشيخ سالم بن حرب من صغير وكبير والوجوه التي اعتلاها الحزن والألم على فراقه ومن حضر لتقديم واجب العزاء، هذه الأعداد التي تقدر بالآلاف من داخل المملكة وخارجها لما للشيخ رحمه الله من مكانة كبيرة في القلوب، فقد عرف عنه التواضع والطيب والتسامح مع الجميع، وله وقفاته المشرفة في إنهاء الكثير من الخلافات التي تحدث سواء في القبيلة أو خارجها حيث يعمل على حل ذلك بالعقل والحكمة وله الأيادي البيضاء في اعتاق الرقاب حيث شارك في ذلك ويذهب لإنهاء مثل هذه القضايا.إن الحادث الذي أصابنا جميعاً في فقد هذا الرجل جلل ومصاب عظيم ولقد رأيت العديد من المواقف المؤثرة التي عبر عنها الكثير ممن عرف سالم بن حرب بالدموع والحزن العميق، لقد كنت قريباً منه خاصة بعد عودته من رحلة العلاج التي قضاها في الولاياتالمتحدةالأمريكية وكان نعم الرجل الصابر المحتسب الغيور على دينه ووطنه، فكان رغم ألمه ومرضه وهو يتلقى العلاج يتألم من الأحداث الإرهابية التي يقوم بها أفراد الفئة الضالة في هذه البلاد وقد أدلى بعدة تصريحات صحفية عبر فيها عن موقفه ومن خلفه كل فرد من أفراد القبيلة وشجبهم التام لهذه الأحداث. ومن المعروف عنه رحمه الله أنه ممن قدم إعلاناً في صحيفة الجزيرة لكل محام يرغب في إقامة الدعوى ضد المسمى سعد (السفيه) الذي ينعق ضد هذه البلاد من الخارج وحارب هذا السفيه بالكلمة وأبيات الشعر التي نشرت في هذه الصحيفة، وهو من الغيورين جداً في كل شيء لهذا الوطن وأظهر ذلك في عدة مواقف أمام كبار المسؤولين في ترجمة صادقة نابعة من قلب ينبض بحب هذا الوطن المعطاء. هو من الرجال الصابرين رحمه الله الراضين بحكمة الله فقد انتظر ما يقارب الأربعين عاماً وهو لم ييأس ولم يقنط من رحمة الله حتى رزقه الله بطفلين توأمين بعد هذا الانتظار هما (سعود ومحمد) حيث سماهما على اسمي شقيقيه الأصغر منه سناً وهما سعود ومحمد رغم أن كنايته قبل أن يرزق بالطفلين (بأبو نايف) فتقديراً واعتزازاً بأشقائه سماهما عليهما، وقد زرع في ابنيه الرجولة والكرم والشهامة منذ نعومة أظفارهما فكل ما تدلف مجلسه وهو غير موجود تجد الترحيب من ابنيه وقيامهما بضيافة من حضر. إن الوقفة الكريمة غير المستغربة من صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبد العزيز أمير منطقة تبوك مع الشيخ سالم بن حرب لتسجل بمداد من ذهب فهي وقفة الشهامة والمروءة والوفاء لمن هم أهل لذلك فكان سموه على متابعة يومية ومستمرة بحالته منذ ما يقارب العام تقريباً وزياراته المتعددة له في المنزل وفي المستشفى في تبوكوالرياض وعند وفاته رحمه الله كان الحزن أخذ مأخذه من سموه الكريم وهو يؤدي صلاة الجنازة عليه، وكان لزيارة سموه منزل شقيقه الشيخ سعود بن حرب وتقديمه التعازي وحديث سموه عن مناقب هذا الرجل الذي عبرسموه بأن الوطن فقد هذا الرجل، والتقاؤه بابنيه سعود ومحمد لهو دليل على إنسانية وشهامة نجل سلطان الخير، كما أن المبادرة الكريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يفظه الله بالاتصال بالشيخ سعود بن حرب وتقديمه التعازي له وكذلك اتصال سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز - حفظه الله - لهو دليل على ما يتمتع به الشيخ سالم بن حرب رحمه الله من مكانة كبيرة لدى ولاة الأمر جميعاً حفظهم الله وكذلك اتصال صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض وتقديمه التعازي وهو في مهمة رسمية خارج البلاد دليل على ذلك والعديد من الاتصالات. نسأل الله رب العرش العظيم بفضله وجزيل عطائه أن يعظم له الأجر والمثوبة على ما أصابه من مرض وكان نعم الصابر المحتسب والحامد الشاكر لله في السراء والضراء، ونسأل الله له المغفرة وأن يوسع قبره ويسكنه فسيح جناته. وأخيراً نقول إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا سالم لمحزونون. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}