الموت هو النهاية الحتمية لكل حي وهو النهاية للحياة الأولى والمغادرة النهائية.. وسنة الخالق في خلقه أن يختار ويعجِّل في رحيل من يشاء لحكمة أو حكم له سبحانه... ونحن بطبعنا -البشر الأحياء- نجزع من فقد من نعايشهم ومن نعرفهم ولاسيما الكرام أبناء الأكرمين والذين تركوا في حياتهم ومع زملائهم في العمل وأقربائهم بصمة حب وبصمة ود ولا نقبل الفراق ولكن هي النهاية لكل مخلوق التي يجب أن نؤمن بها.. الراحل الطيب فهد بن عبدالله بن عبدالعزيز الربدي مدير مدرسة المنتزه الابتدائية ببريدة ورجل التربية المعروف غادر الدنيا خلال أيام خلت بعد أن عانى من مرض عضال ألزمه الفراش سنتين... عرض مرضه على الأطباء - بعد اكتشافه - في المستشفى الجامعي بمدينة الرياض وحينما أخبروه بضرورة تعاطي الحقن الخاصة بهذا المرض لم يجزع أبداً حيث اتخذ شقة سكنية بالقرب من المستشفى بمدينة الرياض وقد زرته وكنتُ بصحبة ابن عمه عبدالله بن إبراهيم الربدي، وقد وجدت المريض قد تقبل أمر ربه بكل الرضا والقناعة وهذا من لطف المولى سبحانه وتعالى كما أنها مؤشر طيب نحو الإيمان العميق بالقضاء والقدر وتلك من صفات المؤمن التقي - بإذن الله - حادثته خلال الزيارة وتحادث معي بكل صفاء معهود عنه وكأنه لم يكن على فراش المرض وكان يسألني عن الصغير والكبير وعن الحال والأحوال وكنت على وجلٍ ولاسيما وأن مرضه مميت إلا من يشاء الله في حياته، وقد حرصت أن أنوِّع الحديث وأبتعد عن التذكير بالجراح والمآسي التي جلبها المرض والنهايات المعروفة!! وكنت أشرك وأقحم في الحديث ابن عمه عبدالله، وكذلك شقيقه أحمد القائم على رعايته وعلاجه في شقة المرض إلا أنه -رحمه الله- يجبرني على أن يكون الحديث معه مباشرة وأن تكون العين بالعين تماماً، وكأنه يؤكد رضاه التام بالمصاب، وأنه يقبل ولا يجزع من قضاء الله حتى وإن كان الموت ذاك الشبح المخيف. عملت مع الفقيد في مجمع الأمير سلطان ببريدة عام 1420ه وكان يشغل وكيلاً للمدرسة ويحظى بالقبول من العاملين في المدرسة كافة؛ لأدبه وهدوءه ولاسيما وأنه من الأخيار، وكان مثالاً للمربي الفاضل، يعمل بصمت يكسوه الأدب والفضيلة، يحظى دائماً بالشكر والتقدير من أولياء أمور الطلبة. كان مؤدباً ومتأدباً يتنازل عن كثير من الأشياء حتى لا يقع في المحظور ويترك الحديث والنقاش إذا احتدم وقد سألته في حينه عن الأسباب، وأفاد بقوله: حتى لا نخسر الآخرين. رحلته العلاجية الشاقة بين ثلاث محطات هي: بريدةوالرياض وألمانيا وانتهت في الموطأ ببريدة حيث وريَّ جثمانه الثرى في موطأ بريدة المعروف!! عزائي فيه - أنني من شهود الله في أرضه - وأشهد الله على صلاحه وإنسانيته ومواطنته المستقيمة وأعزي أسرته الصغيرة: زوجته وأبناءه وبناته، كما أعزي أسرته الكبيرة والعريقة أسرة الربدي الكريمة. أتمنى من القائمين على التربية والتعليم بمنطقة القصيم أن تخلد ذكراه باسم يحمل اسمه كإحدى المدارس أو القاعات الكبيرة ولاسيما وأنه اكتشف المرض وهو يؤدي رسالته العظيمة ورجائي لرجل التربية الأول بمنطقة القصيم والمسؤول عن تعليم البنين بالمنطقة ابن الوطن والمجتمع البار الأستاذ صالح بن عبدالله التويجري أن ينظر في هذا، فالراحل يستحق والمسؤول قادر!!