كان وجه الطفلة السعودية التي وقفت أمام خادم الحرمين الشريفين حفظه الله مساء السبت في المنطقة الشرقية عنواناً راقياً للمشهد السعودي ألفة ورحمة وامتناناً متبادلاً بين القيادة وشعبها، كجزء من تشكيل اللحمة الوطنية الكبرى التي تمثل أحد أبرز ملامح الحياة العامة، في ثنائية غابت فيها الحدود التقليدية والمفتعلة بين الحاكم ورعيته، وتحولوا إلى صوت واحد، ونبض واحد، وحياة واحدة. لا يحتاج خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، ولا ولي عهده، ولا بقية أفراد الصف السعودي الحاكم طوابير من الحراس أو المحيطين بهم وهم يتحركون وسط الناس ذلك أن الحاكم السعودي منذ بداية تأسيس الدولة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، لم يحدث أن كان حاكماً منفصلاً أو طبقياً أو صانعا لحدود بينه وبين الناس لأنه جزء من التركيبة الاجتماعية السعودية صانع لها ومؤثر فيها ومتأثر بها، وكذلك سارت الحركة القيادية السعودية في أبناء الملك عبدالعزيز رحمه الله في حالة من التواصل الواسع والكبير والمنفتح بينهم وبين الناس، منطلقين من فكرة التعاضد والتلاحم التي تحف الحركة التفاعلية في المملكة بين الناس والحكومة. كل هذه الأفكار تملأ ذهنك وأنت تتابع هذا الغيث الملكي الكريم الذي ينتقل به خادم الحرمين الشريفين من منطقة إلى أخرى ومن إقليم إلى آخر في الزيارات التفقدية التي انطلقت السبت الماضي في السياق ذاته وامتداد لليالي الابتهاج التي عاشها أهل الرياض ومكة المكرمة بزيارته حفظه الله والتي تأتي كجزء من تواصله ومتابعته الدائمة التي تمثل جزءاً من الفعل الوطني الذي اعتاده الجميع من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله والذي يخرج فيه من صورة الحاكم التقليدي الذي يأتي إليه الناس إلى صورة الأب الرحيم الذي يرحب بمن يستطيع الحضور، ويصل إلى من بعدت به الأرض هو إليه، ولأنه يعلم أن تطلع الناس إليه ليس إلا تطلع الموقنين بعطفه وأبوته وحرصه على الجميع أينما كانوا داخل هذه الأرض السعودية، ولأن نبض الخير والرحمة والإحساس العميق بالناس وحاجتهم إلى كل ما يمكن أن يمثل داعماً لهم على حياة آمنة مطمئنة أبرز صفات القائد الحكيم حفظه الله. فقد انطلقت جولته التفقدية كأحد قراراته الإنسانية الكثيرة التي تستهدف مختلف الشرائح والفئات، والتي تتحرك في شكل يحاول أن يحيط بالجميع، فقد أصدر حفظه الله قراره وتوجيهه بأن تسدد الحكومة عن الموقوفين في قضايا مالية ثبت فيها عجزهم، ما لم يكونوا مماطلين أو متلاعبين، والعفو عن المسجونين في الحقوق العامة ما لم تكن مبررات سجنهم من الجرائم الكبرى، وفي قرار كهذا يمكن بسهولة ملامسة صوت الأب الرحيم، الذي لم تأخذه مشاغله ولا ما يباشره من قضايا محلية وعربية ودولية عن أن يسمع صوت المتعبين وألم المتألمين ويسعى بكل ما أمكنه حفظه الله أن يزيل ما استطاع من ذلك. خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وهو في الدمام أو في الجبيل أو في القطيف أو في القصيم أو في المدينةالمنورة أو في حائل، مما يضاعف حضوره الموجود أصلاً في قلوب الناس، فلا يحتاج حفظه الله أن يزور أي أرض سعودية ليكون فيها فهو في كل مكان، وفي كل بيت، إنه الرجل الوطن، والشخصية التي تختصر العطف والرحمة والولاء والإيمان والسعي الجاد كي يقوم بالأمانة ويمتثل ما يشعر به ويحتاجه الجميع. كل هذه الصفات وكل هذا الوفاء والالتزام منه، وتأكيده في أكثر من مناسبة حاجته للناس كقائم بمسؤولياتهم، وكرجل سهل الله به أمور الناس حين ولاه قضاءها والقيام عليها، كلها علامات تجعل منه الرجل الأول في القلوب والأنفس. سيارات الشباب التي تجوب الشوارع في كل مناطق المملكة حاملة صور الملك وبعضاً من الألقاب التي يستحقها، وحالة الولع الشعبية التي يعيشها السعوديون تجاه ملكهم، وتحول الملك عبدالله من حاكم تقليدي إلى رجل يحب الناس شخصه وحديثه ورحمته، مظاهر ترسخت كلها منذ أن كان حفظه الله ولياً للعهد، على بشارته التي توالت بعد أن تولى ملكاً بدءاً بزيادة الرواتب وما تلاها من مكرمات وقرارات كان الإنسان السعودي هدفها الأول إلى مواقفه حفظه الله التي تنطلق من موقعه الأبوي الرحيم كتدخله في أزمات سوق الأسهم، وفي غيرها من القضايا التي ربما سببت ضرراً لمواطن أو لآخر، وصولاً إلى خفض أسعار الوقود والتسديد عن الموقوفين في قضايا مالية والإفراج عن سجناء الحق العام، وإضافة إلى ذلك فإن الشخصية البسيطة الراقية التي يتميز بها خادم الحرمين وشعور الناس بأنه يقول ما يودون قوله، ويهتم بما يلامس حياتهم وشخصيته التي يراها الناس حين يلتقون به في زياراته وفي جولاته العامة كلها شواهد وسياقات لهذا الحب الطبيعي والولاء المتبادل بين السعوديين وملكهم. إن كل قرارات خادم الحرمين الشريفين ومواقفه تعبر عن نهج وطني إصلاحي واضح، وتتحرك كل تلك القرارات الإصلاحية في مسارين الأول هو الإصلاحي الآتي أي المرتبط بأفراد وقضايا يمثل حلها انفراجاً لقضايا تسهم في تعثر حياة فرد أو آخر كقرار الإفراج عن السجناء أو تسديد ديون الموقوفين في قضايا مالية، أما الثاني فإصلاحي طويل المدى يتحول إلى مشاريع وطنية تمتد آثارها إلى أمد طويل، وفي هذا يقدم حفظه الله توجيهات واضحة كحديثه عن البيروقراطية وضرورة إنجاز معاملات المواطنين، والقرارات ذات الأمد الطويل كقرار زيادة رواتب الموظفين وتخفيض أسعار الوقود والتي تمتد آثارها الإيجابية من اللحظة إلى الإسهام في صناعة المستقبل السعودي، صناعة لا تقف عند حدود الترتيب الداخلي، وإنما تتجاوز ذلك إلى إقامة حالة من التواصل الكبرى، ومد الجسور مع كبريات العواصم الاقتصادية في العالم من أجل البحث عن أسواق واستثمارات وعلاقات دولية تسهم في رفعة الاقتصاد السعودي وتفعيل أبعاده العالمية ويكفي هنا الإشارة للزيارات التي قام بها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وولي عهده الأمين والتي شملت كثيراً من دول الشرق والغرب وشهدت من الإنجازات والاتفاقيات ما يصب بكل قوة في مسيرة الاقتصاد السعودي مما سينعكس على حياة المواطنين والاستقرار الاقتصادي للمملكة، وقد بدأت آثار تلك الزيارات مبكراً، حيث تحولت المملكة إلى ورشة لعقد الاتفاقات والمعاهدات الاقتصادية فلا يمر أسبوع إلى ونشهد زيارة الرئيس أو وفد اقتصادي في حركة تنم عما باتت تمثله المملكة من ثقل وقوة اقتصادية بدأت انعكاساتها على الداخل كله من أجل الوصول إلى اقتصاد متين قادر على المنافسة في خضم القوى الاقتصادية الكبرى هذه الأيام، لا يمكن الفصل بين الضيفين أيهما ضيف على الآخر خادم الحرمين الشريفين أم مناطق المملكة التي سيحل ضيفاً عليها، ضمن الكوكبة الحاكمة التي تسير في ذلك الفلك الحاكم، وتمنح السعوديين من الطمأنينة والشعور بالأمن ما لا يمكن ملامسته في أي بقعة في العالم، فحالة الشعور التي تنتاب كل مواطن حين يشاهد الرجال الذين منحهم إدارة حياته ومستقبل أبنائه فكم من الطمأنينة التي تملأ قلب كل مواطن سعودي حين يشاهد خادم الحرمين الشريفين وعلى يمينه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين، رجل الأفكار الوطنية والإنسانية، رجل الدفاع والوطنية والوجه الضاحك خيراً وبشراً ورحمة الذي ما زالت بركات زيارته الأخيرة قائمة، مثلما إن خيراته دائمة في كل أرجاء الوطن، ولي العهد الرجل الذي يمثل بالنسبة لجميع المواطنين جزءاً من تاريخهم العريق والرجل الذي يبحث ليل نهار عن كل منشط أو فعالية ذات بعد إنسان أو وطني، رجل المؤسسات الإنسانية والتنمية الواعية التي لا تفرق بين مواطن وآخر، ولا بين منطقة وأخرى. تقف اليوم القصيم، مثلما وقف وتقف كل مناطق المملكة التي تحظى بهذه الزيارة الكريمة، وتحتفي كل منطقة بخيرها السابق وخيرها الدائم والمستمر وللقصيم أن تفتخر شامخة خلف أميرها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز الذي ظل طيلة خمسة عشر عاماً ابناً أمينا وباراً للمنطقة قريباً من كل شرائحها وجزءا من حياتها اليومية، وما هو إلا إحدى هبات القيادة لهذه المنطقة، استقبلت مؤخراً آخر هبات القيادة الحكيمة متمثلة في صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل الذي تمثل زياراته الحالية للمحافظة وللدوائر الحكومية ومشاركته للناس رغم حداثة وصوله المنطقة إلا أنه بات جزءاً من شخصيتها وحياة أهلها مثلما هم بقية القادة والأمراء في كل رقعة من هذا الوطن. إن ما يعيشه السعوديون من غبطة، ومعنويات مرتفعة هو ناتج طبيعي لهذه الحالة من التواصل الطبيعي والتلاحم الوطني والتآلف بين قيادته ومواطنيه. نحن في هذه الأرض أمام مراحل سعودية تزف كل مرحلة الأخرى إلى مستقبل سعودي مشرق بإذن الله.