إن سرعة التطور والتغيير في عالم اليوم تذهل الإنسان في نواحي الحياة وتخلق له مشاكل أخلاقية واجتماعية وروحية وهذه المشاكل تلقى على عاتق المربي مسؤولية جسيمة في متابعة هذا التغيير وسرعة التغيير وذلك في إعداد الأجيال وتوجيههم إلى كيفية التعامل مع هذا التغيير وأخذ الحيطة وتوعية الجيل الجديد بما هو قادم إليهم ليكونوا في صورة واضحة ويكون الخيار الذاتي هو الأقرب إلى أخذ القرار والتأثر بالغير فماذا أعد أهل التربية والتعليم في مواجهة هذا التقدم الهائل وتبصير الشباب والشابات بالصالح منه والضار، فالمنجد الوحيد هو التركيز على التربية القرآنية في المجتمع المسلم لأنها التي تهتم بالتربية القرآنية لأنها تؤكد على العمل الصالح فالعمل الصالح ثمرة الإيمان والإخلاص والعلم الصحيح وهو أجل ما يقوم به الإنسان نحو خالقه ونحو نفسه ونحو أسرته ومجتمعه ونحو الخليقة، إنها وحدة الحياة ووحدة الذاتية فلا توجد ناحية في نواحي الحياة إلا يدعو القرآن للاهتمام بها والتفكير فيها ودراستها والتأمل فيها فهي من الضروريات التفقهية في الدين فتجد التربية القرآنية تهتم بالتاريخ والآثار وعلم الفلك والجغرافيا وعلم النفس والطب والزراعة والحيوان والاقتصاد والبلاغة والأدب وعلم الاجتماع والحياة الاجتماعية. ولذا أوجدت التربية القرآنية ترابطا بين هذه العلوم فيما بينها كلها وبين الإنسان فأكدت على ضرورة المعرفة وأهميتها وجعلتها تحتل المكان الأعلى فهي الوسيلة لمعرفة الخالق ومعرفة الأشياء واستخدامها في مصلحة الإنسان، فالإنسان المسلم يؤمن بالنظام الكوني وترابط أجزائه بالنظام الاجتماعي وارتباطه بالنظام الكوني ولا يزال الإنسان يجهل الكثير عن حقيقة نفسه وما حوله فأسرار النفس والكون لا ينتهي البحث فيها وما أعطي البشر إلا قليلا، ولذا فإن العالم اليوم وما يمر به من المتغيرات والتطور السريع وما يعانيه من فصل العلوم من بعضها وتجزئتها أو التأكيد على ناحية علمية على حساب الأخرى والفصل بين العاطفة والفكر وبين الإرادة والعاطفة وبين العلم والدين وبين الدين والدولة مما يعرض الإنسان إلى الشقاء والمتاعب فإن الواجب على المجتمعات المسلمة المدركة بحقيقة التربية القرآنية الاهتمام بمبدأ الشمولية في التعليم وترابطها وعدم الانسياق مع المجتمعات التي تفصل بين العلوم والتربية والقرآن، وبما جاء به من علوم شاملة تستطيع مواكبة التغييرات وسرعة التطور في العصر الحديث وتتفوق عليها نفسيا وعلميا وعالميا واجتماعيا وتنظيميا، فإن الميل عن أساليب وطرائق التربية الإسلامية يجلب الضياع للمجتمعات وخاصة في النواحي الروحانية وكذلك الاستقرار النفسي.